حرب غزة.. ماذا حققت فى شهرها الرابع؟

يتابع العالم مجريات الحرب، التى بدأت شهرها الرابع، على أرض غزة، وسط تساؤلات عما ستؤول إليه، وتكهنات عن موعد انتهائها، المرتبط، وفق ما أعلنته إسرائيل،بتحقيق أهدافها الثلاث؛ وهى تحرير رهائنها، والقضاء على حماس، والسيطرة على غزة. وقد أظهرت استطلاعات الرأى، فى إسرائيل، أن 46% من الإسرائيليين، يؤكدون أن قتال قواتهم، فى غزة، لم يحقق أيا من تلك الأهداف. ويؤكد الشارع الإسرائيلى أن نيتانياهو يسعى لمد أمد الحرب، احتماءً بها مما ينتظره حال تركه الحكومة، حيث يعلم تمام العلم بأن مآله السجن، إذ إنه متهم فى ثلاث قضايا فساد. فإذا اقتربنا من أخبار وإحصاءات الحرب، لقياس قدرة إسرائيل على تحقيق أهدافها، فمازال، حتى الآن، عدد 136 رهينة إسرائيلية، من قاطنى المستوطنات، موجودين تحت يد فصائل المقاومة الفلسطينية. كما تشير الأرقام إلى أن أكثر من 500 جندى إسرائيلى قد قتلوا، فى أثناء الحرب، 200 منهم منذ بدء العملية البرية. ورغم ادعاء الجيش الإسرائيلى بالسيطرة على 60% من أراضى قطاع غزة، فإنه، فى الحقيقة، مازال يتعرض لهجمات من 100% من أراضى غزة.

وفى الداخل الإسرائيلى، نجد أن الصراع بلغ أشده، الآن، داخل حكومة الحرب الإسرائيلية، وتحديداً بين رئيس الحكومة، نيتانياهو، ووزير دفاعه، يوآف جالانت، بسبب أسلوب تنفيذ العمليات العسكرية، حيث قام وزير الدفاع بسحب خمسة لواءات مشاة من أرض المعركة، فى غزة، من بينهم اللواء الجولانى، المعروف باسم «لواء النخبة»، لميله إلى تخفيف القتال فى غزة، فى مقابل نيتانياهو الرافض ذلك، والمصر على التصعيد.

واندفاعا من ذلك قام نيتانياهو بتطوير القتال فى جنوب لبنان، ضد حزب الله، وشرع فى التصعيد، مع مصر،بشأن ممر فيلاديفيا، بما قد يتسبب فى مشكلات، فى المستقبل، خاصة إذا ما تطورت الأمور باحتلال إسرائيل الممر، وهو الأمر الذى يرفضه وزير الدفاع الإسرائيلى. أما رئيس الأركان الإسرائيلى هيرسى هيلفى، فنجده معترضاً على أسلوب التصعيد، اعتماداً على أن إسرائيل لم يسبق لها القتال، فى عدة جبهات، فى وقت واحد، فقد كانت، فى كل مرة، تقاتل فصيلاً من فصائل المقاومة، منفرداً، أما الآن فتقاتل فى غزة، وفى الضفة الغربية، فضلاً عن قتال عناصر حزب الله فى جنوب لبنان، وعناصره فى كل من العراق وسوريا، وأخيراً الحوثيون فى اليمن.

وعلى الصعيد الدولى، نشهد بوادر الخلاف بين نيتانياهو والولايات المتحدة الأمريكية، على خلفية طلبها تغيير حكومته اليمينية المتطرفة، وتهدئة أعمال القتال فى غزة، والتوقف عن استهداف المدنيين، فى ظل تعاطف شعوب العالم مع الشعب الفلسطينى، ورفضهم الممارسات الإسرائيلية ضد النساء والأطفال فى غزة، خاصة الشعب الأمريكى، الذى ارتفع صوته مندداً بدعم إدارته، غير المشروط، الكيان الإسرائيلى، من أموالهم، باعتبارهم دافعى الضرائب، التى تستخدم لتمويل تلك الحرب الوحشية. وهو ما يهدد مستقبل بقاء الإدارة الأمريكية الحالية، بقيادة جو بايدن، فى البيت الأبيض، الذى يوشك على خوض معركة الانتخابات الرئاسية، التى ستنطلق فى الشهر الحالى، ويبدو أنه سيخسر فيها أعداداً كبيرة من أصوات الناخبين، خاصة من الشباب، وذوى الأصول العربية، وينافسه فيها الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب.

وعموماً، فبنظرة عامة لنتائج الأحداث، نجد أن إسرائيل دخلت هذه الحرب، ولها ثلاثة أهداف رئيسية، الأول القضاء على حماس، وهوما لم يتحقق حتى الآن، والثانى تحرير الرهائن لدى المقاومة الفلسطينية، وهو ما لم يتم إلا جزئياً من خلال المفاوضات، بينما لم يزل باقى الرهائن فى أيدى عناصر المقاومة، أما الهدف الثالث للحرب فكان السيطرة على غزة وهو أمر لم يحدث حتى الآن، لتستمر الحرب لشهرها الرابع، فى ظل فشل إسرائيل فى تحقيق أى من الأهداف العسكرية والإستراتيجية، مع ارتفاع موجة الغضب الداخلى على الحكومة الإسرائيلية الحالية.

وجاءت أحداث البحر الأحمر لتزيد المشكلة تعقيداً، بعدما بدأ الحوثيون فى التعرض، أولاً، لسفن الملاحة الإسرائيلية، واستيلائهم على سفينة مملوكة لرجل أعمال إسرائيلى، وسحبها لميناء الحديدة باليمن، وأصبح ميناء إيلات فارغاً، يُسمع فيه نعيق البوم، ثم بتحول الأحداث بهجومهم على السفن الأمريكية والأوروبية. مما دفع أمريكا لتشكيل تحالف عسكرى بحرى، للتصدى للحوثيين، مما يضيف مشاكل اقتصادية ناتجة عن تحويل معظم السفن مساراتها إلى طريق رأس الرجاء الصالح،بدلاً من البحر الأحمر عبر قناة السويس، وما يشمله من طول المسافة، والزيادة فى استهلاك الوقود، وارتفاع مقابل التأمين، وهو ما سينعكس بالارتفاع على أسعار البضائع فى العالم كله.

وهكذا تزداد المشكلة تعقيداً، يوماً بعد يوم، خاصة بعدما أعلنت إيران، صراحةً، تأييدها الحوثيين فى إغلاق باب المندب، وهو الأمر الذى تحاول أمريكا معالجته بسرعة، وبكل دقة، حتى لا تتسع أعمال القتال فى المنطقة، فى ظل امتلاك الحوثيين العتاد العسكرى، من الصواريخ الباليستية، والطائرات المسيرة، والزوارق الانتحارية، والألغام البحرية، التى يمكنها من التسبب فى مشكلات وتعقيدات كبيرة للقوات المتحالفة من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.

عموماً، يظل هناك الأمل فى عدم استمرارتلك الأوضاع على ما هى عليه، خاصة أن جميع الدول وعلى رأسهم الولايات المتحدة، وكذلك دول المنطقة مصر والسعودية والإمارات وباقى الدول العربية، لا تريد أن تستمر هذه الحرب، لما لها من آثارسياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة على جميع دول العالم.