العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

وعلى الصعيد المقابل، بدأت أوكرانيا استعداداتها لشن ما أسمته «هجوم الربيع»، بهدف استعادة أراضيها.

تطورات الحرب الروسية الأوكرانية
 

لواء د. سمير فرج

 12 أغسطس 2023


بينما العالم يأمل، فى كل يوم، أن يشهد انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية، التى أحدثت دماراً لطرفى النزاع المباشرين، وخلفت العديد من المشاكل الاقتصادية، بكل دول العالم، فى صورة تضخم، وزيادة الأسعار، وارتفاع معدلات البطالة، فضلاً عن نقص السلع، واضطراب سلاسل الإمداد العالمية، فإن تلك الحرب تأخذ كل فترة شكلاً جديداً من أشكال الصراع. فخلال الشتاء الماضي، عملت روسيا على تعزيز خطوطها الدفاعية، فى المناطق التى ضمتها إليها، والتى تمثل نحو 20٪ من الأراضى الأوكرانية، وهى لوهانسك، ودونيتسك، وزابورجيا، وخيرسون، وتمكنت من بناء نظام دفاعى متميز.

وعلى الصعيد المقابل، بدأت أوكرانيا استعداداتها لشن ما أسمته «هجوم الربيع»، بهدف استعادة أراضيها، وحل الربيع، وأعقبه الصيف، ولم ينجح هجوم أوكرانيا المضاد، تماماً مثلما توقعت فى كل مقالاتي، وحواراتى التليفزيونية؛ إذ أنه من البديهي، ألا تقوم أوكرانيا بهجوم مضاد، وعدوها الروسي، يمتلك كامل السيطرة الجوية على ميدان المعركة، فضلاً عن عدم كفاية مدة التدريب المتاحة لجنودها، لاستخدام الأسلحة الجديدة التى تسلمتها من أمريكا وفرنسا وبريطانيا، وخاصة الدبابات، بالإضافة إلى تعديل أمريكا لموعد تسليمها للطائرات المقاتلة F16 إلى آخر العام الجاري.

وأمام تلك المعطيات والتطورات، كان لزاماً على أوكرانيا تأخير موعد هجومها المضاد، للحد من حجم الخسائر التى لحقت بها، أمام شدة الدفاعات الروسية، وذلك باعتراف مدير المخابرات الأوكرانية. وللتغطية على فشل الهجوم المضاد، لجأت أوكرانيا لأسلوب آخر من أعمال القتال، بالقيام بضرب العاصمة الروسية، موسكو، بالمسيرات، كما بدأت بمهاجمة السفن الروسية، فى البحر الأسود، وأهداف روسية، أخرى، فى شبه جزيرة القرم، وبالفعل حققت هذه الهجمات تأثيراً معنوياً، وإن لم يكن له تأثير مباشر على نتائج القتال.

ففى مقابل رفع الروح المعنوية لجنود وشعب أوكرانيا، ودول حلف الناتو، كان الرد الروسى أكثر عنفاً، وشراسة، ضد ميناء أوديسا، ومخازن الحبوب فيه، فحرمت أوكرانيا من تصدير الحبوب، وأوقفت اتفاقية مرور الحبوب، عبر البحر الأسود، إلى باقى دول العالم، رغم تعهدها بإمداد عدد من الدول الإفريقية بكميات من القمح، بدون مقابل، تعويضاً لها على إيقاف هذا الاتفاق.

وهكذا تحولت أعمال القتال، فى الفترة الحالية، بين الروس والأوكرانيين، إلى حرب مسيرات بالطائرات والقوارب الصغيرة، بهدف إحداث نصر دعائي، لتغطية فشل الهجوم، وهو ما يتوقع معه استمرار انحدار تلك الحرب فى النفق المظلم، التى تسير فيه، ولا نعرف له نهاية.



Email: sfarag.media@outlook.com