العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

ورغم ما سبق، فإن جميع الشواهد تؤكد اتجاه جميع الأطراف لدفع أوكرانيا إلى الدخول فى مفاوضات، مع روسيا، والتوصل لحل سياسى ودبلوماسى.

هل هناك بوادر لحل سياسى؟
 

لواء د. سمير فرج

 24 نوفمبر 2022


بدأ الثلج يهطل على العاصمة الأوكرانية، كييف، فى نفس الوقت الذى أعلن فيه الرئيس الأوكرانى، زيلينسكى، أن عشرة ملايين من شعبه يعانون انقطاع الكهرباء، نتيجة القصف الصاروخى الروسى، للمدن الأوكرانية، الذى استهدف البنية الأساسية، وعلى رأسها محطات الكهرباء، حيث وصل عدد الصواريخ الروسية، على العاصمة كييف، إلى مائة صاروخ، فى يوم واحد، الأمر الذى دعا الجيش الأوكرانى للتصدى لذلك القصف، بإطلاق الصواريخ المضادة، ومنها الصاروخ S300، الذى سقط أحدها، نتيجة عطل فنى، على قرية بولندية، مما أثار حفيظة العالم.

وفى محاولة منه لإثارة دول حلف الناتو ضد روسيا، أعلن الرئيس الأوكرانى أن الصاروخ الذى سقط على بولندا يتبع القوات الروسية، ليتهمها بالتصعيد المباشر ضد واحدة من دول حلف الناتو، فردت روسيا، على الفور، بأنها لم تقصف بولندا بأى أنظمة صاروخية، وهو ما أكده الرئيس الأمريكى، جو بايدن، فى تصريح له بأن الصاروخ لم يوجه من روسيا، ولكنه صاروخ دفاع جوى، من أوكرانيا، سقط على بولندا بطريق الخطأ.

وفى نفس الوقت، نجحت الأمم المتحدة فى تمديد اتفاق مرور الحبوب الأوكرانية والروسية عبر الممر الآمن من البحر الأسود إلى ممر البسفور والدردنيل، لمدة 120 يوما إضافية، إذ تشير التقارير إلى أنه من خلال الاتفاق الأول نجحت أوكرانيا فى تصدير 12 مليون طن من الحبوب. ورغم ما تزعمه روسيا من أن تلك الأحجام تم تصديرها إلى الدول الغنية، بينما لم يزد نصيب الدول الفقيرة على أقل القليل، فإن ذلك الاتفاق، ومد العمل به، أدى لتهدئة الموقف الاقتصادى العالمى، رغم رفض روسيا تمديد العمل بالاتفاق، لمدة عام، وذلك لضمان سيطرتها على الوضع فى المنطقة.

وعلى صعيد غير منفصل، فإن فوز الحزب الجمهورى بالأغلبية فى الكونجرس الأمريكى، خلال الانتخابات النصفية الأخيرة، يُتوقع معه تغير الحسابات المستقبلية، بشأن الدعم الأمريكى لأوكرانيا، حيث يرى الجمهوريون أن الإدارة الأمريكية، الحالية، قددعمت أوكرانيا من احتياطى الأسلحة الاستراتيجى للجيش الأمريكى، مما من شأنه إضعاف القوة الدفاعية الأمريكية، بينما يرى الجمهوريون أن الدعم الأمريكى لأوكرانيا لابد أن يستند إلى تقدير للموقف فى المنطقة، بما لا يزيد من اشتعال الحرب بين الدولتين. ومن هذا المنطلق، صرح رئيس الأركان الأمريكى بأن وقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا لن يتم إلا من خلال حل سياسى بين الدولتين.

وفى ذات السياق، انعقد اجتماع باسطنبول، فى الأسبوع الماضى، بين رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكيةCIA، ونظيره الروسى، أكدا خلاله أنه لا نية، لأى طرف، فى استخدام السلاح النووى فى الحرب الجارية بين روسيا وأوكرانيا. وعقب الاجتماع، صرح رئيس الاستخبارات الأمريكية بأن الحل السياسى بات الأقرب عما كان عليه من قبل، فى نفس الوقت الذى يتردد خلاله فى بعض الأوساط الإعلامية الأمريكية، أن أمريكا بدأت تمارس بعض الضغوط، على الرئيس الأوكرانى، للدخول فى مفاوضات مع روسيا، للوصول إلى حل لتلك الأزمة، وهو ما يؤكد عدم قدرة جو بايدن فى الحصول على موافقة الكونجرس، على تقديم دعم مالى وعسكرى إلى أوكرانيا مستقبلا.

وبعد استخدام روسيا سلاح الغاز الطبيعى، ووقف إمداداتها منه إلى أوروبا، كإحدى وسائل الضغط، مع دخول فصل الشتاء القارس، مستهدفة ثورة الشعوب الأوروبية على حكوماتها الداعمة لأوكرانيا، فإنها قد أعلنت استعدادها للتفاوض مع أوكرانيا للوصول إلى حل سياسى لهذه المشكلة. وعلى الطرف الآخر، ورغم إعلان زيلينسكى، منذ عدة أسابيع،رفضه الدخول فى مفاوضات سياسية، مع روسيا، لحل النزاع، إلا بعد رحيل الرئيس الروسى بوتين، إلا أنه قد بدأ الإفصاح عن بعض شروطه لبدء التفاوض، والتى منها انسحاب روسيا من كل الأراضى الأوكرانية، والوصول إلى حدود 1991، مع إلزام روسيا بدفع تعويضات عن الخسائر التى لحقت بالبنية الأساسية الأوكرانية، وهو ما رفضته روسيا، بالطبع، باعتبارها شروطا تعجيزية لبدء أى مفاوضات.

ورغم ما سبق، فإن جميع الشواهد تؤكد اتجاه جميع الأطراف لدفع أوكرانيا إلى الدخول فى مفاوضات، مع روسيا، والتوصل لحل سياسى ودبلوماسى، لإنهاء هذه الحرب التى أنهكت الاقتصاد العالمى، ودفعت أعتى الاقتصادات لحافة الهاوية، بما نال من الاستقرار السياسى لبعضها، فها هى الإدارات الأوروبية تواجه أزمة مع شعوبها بسبب نقص إمدادات الغاز الطبيعى، نتيجة دعمها لأوكرانيا على حساب روسيا. وها هو الحزب الديمقراطى الأمريكى، يستعد لخوض انتخابات رئاسية، بإعادة ترشيح الرئيس الحالى، جو بايدن، بالتزامن مع فقد أغلبية مقاعده فى الكونجرس الأمريكى، لذا يسعى جاهداً للنجاح فى خفض سعر الوقود فى الولايات المتحدة، خاصة بعد النقد الموجه للإدارة الأمريكية الحالية بفقد جزء كبير من احتياطى النفط الأمريكى، بما أدى لارتفاع سعره داخل البلاد، فى سبيل دعم أوكرانيا فى حربها مع روسيا.

ورغم ما تبذله بعض الدول من محاولات لأن تكون طرفاً فى حل الأزمة الروسية الأوكرانية، ومنها تركيا، التى تسعىللقيام بدور الوسيط فى تلك المرحلة، فإنه من غير المُتوقع أن تسمح لها الولايات المتحدة بالقيام بهذا الدور، ليحتفظ الرئيس الأمريكى، جو بايدن، به لنفسه ولإدارته، ليكون إحدى ركائز حملته الانتخابية، باعتباره من حقق السلام الدولى، بما يمنحه دفعة قوية، فى الانتخابات القادمة أمام منافسيه، ومنهم الرئيس السابق دونالد ترامب، الذى أعلن خوضه السباق الانتخابى.



Email: sfarag.media@outlook.com