العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

وأمام كل هذه التصريحات النارية من كلا الطرفين، بات الجميع يتساءلون عن احتمالية تطور هذه التصريحات إلى عمل عسكري؟

ماذا يحدث فى مضيق هرمز؟
 

لواء د. سمير فرج

 4 أغسطس 2018


مع تصاعد التوترات والأحداث، بين واشنطن وطهران، تصاعدت، أيضاً، التصريحات النارية بين الطرفين، مع تشديد الخناق الأمريكي بثبات، ليكون مضيق هرمز هو مسرح الأحداث، وخاصة مع تاريخ العلاقات المضطربة بين واشنطن وطهران، وما له من مردود خاص.

تبدأ القصة بعد تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، في مطلع العام الماضي، وإعلان رفضه للاتفاق النووي الأمريكي-الإيراني، الذي تم توقيعه افي أواخر أيام الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، ويطلق عليه اسم 6+1، لأنه يشمل ستة دول كبرى هي الولايات المتحدة الأمريكية، وإنجلترا، وفرنسا، وألمانيا، وروسيا، والصين، مقابل إيران.

وقد كرر ترامب، مراراً، على أن هذا الاتفاق سيء، لأنه سيمكن إيران من تصنيع القنبلة الإيرانية النووية قريباً … ورغم اعتراض دول الاتحاد الأوروبي، وروسيا، والصين، ورفضهم لتهديدات الرئيس الأمريكي بإلغاء الاتفاق، إلا أن ترامب واصل حملته في الضغط على إيران، وبدأ بفرض حصاراً اقتصادياً عليها، بل وزاد من حدة الحصار الاقتصادي، بقراره بوقف تعامل الشركات الأمريكية مع أي شركة أوروبية تتعامل مع إيران. ولقد حققت هذه السياسة مردودها، إذ ألغت شركة إيرباص الفرنسية، تعاقداتها مع الحكومة الإيرانية، للحفاظ على ثقل علاقاتها مع الشركات الأمريكية.

وفي الأسبوع الماضي، أنهال ترامب بصفعة حديثة على وجه النظام الإيراني، بعدما طالب دول العالم بإيقاف استيراد البترول الإيراني، ولضمان عدم زيادة الأسعار العالمية، نتيجة لانخفاض العرض، بسبب منع التعامل على البترول الإيراني، طلب، الرئيس الأمريكي، من المملكة العربية السعودية، تعويض الفارق بزيادة إنتاجها من النفط، وهو ما وافق عليه العاهل السعودي. ويأتي التضييق السعودي على إيران، متزامناً مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة، التي تعيشها إيران، والتي لعبت دوراً كبيراً في تواصل الاحتجاجات الشعبية، ضد السياسات الاقتصادية، للحكومة الإيرانية، وبدأ النظام الإيراني يشعر بالاختناق أكثر وأكثر، في ظل ما يمثله البترول الإيراني من مصدر رئيسي لدخلها القومي. وما ما رد عليه قائد الحرس الثوري الإيراني للشئون السياسية بتصريحه الأخير، “عندما تلجأ دولة ما إلى تهديدنا، بمنع صادراتنا من النفط … فلتنتظر منا تهديداً متبادلاً”، مضيفاً “أن التدخلات الخارجية في المنطقة، مرتبطة بدول داخل المنطقة”.

ومع ذلك، فإن إيران تعاني من مصاعب اقتصادية كبيرة، منذ الحصار الذي فرضته عليها الدول الغربية، حتى قبل توقيع الاتفاق 6+1؛ فمعدلات البطالة مرتفعة بها، فضلاً عن تعطل الكثير من مصالحها نتيجة لتوقف التبادل التجاري، مما أتاح الفرصة أمام المعارضة، لتعزيز قواها ومراكزها. ولذلك بعدما أصدر ترامب قراره بوقف استيراد البترول الإيراني، بدأت حرب التصريحات الإيرانية، إذ أعلن الرئيس الإيراني روحاني، أن محاولة منع إيران من تصدير نفطها، من شأنه دفعها لمنع تصدير بترول دول الخليج عبر خليج هرمز، ليخرج المرشد الإيراني علي خامنئي، مؤيداً لذلك التهديد ومؤكداً له، غافلين أو متغافلين عن أن مضيق هرمز يعتبر منذ عام 1982 معبراً دولياً، بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، بوصفه البوابة الوحيدة بين الخليج العربي والبحر المفتوح. ورداً على تهديدات روحاني، حذر الرئيس الأمريكي، ترامب، إيران من مواقف غير مسبوقة، مؤكداً أن بلاده لن تقف ساكنه أمام كلمات روحاني المشبعة بالعنف والموت.

وأمام كل هذه التصريحات النارية من كلا الطرفين، بات الجميع يتساءلون عن احتمالية تطور هذه التصريحات إلى عمل عسكري؟ وهو ما أراه مستبعداً، لأن، ببساطة، أي عمل عسكري في هذه المنطقة لن يكون مقبولاً لكل الأطراف، لما له من تأثير سلبي على تدفق النفط العربي إلى دول العالم. كما أن إيران تعلم جيداً، أن قوة الولايات المتحدة الأمريكية العسكرية، كفيلة بتوقيع خسائر فادحة على نظيرتها الإيرانية. ومن ناحية الولايات المتحدة الأمريكية، فإنها لا تهدف إلى تدمير القوة العسكرية الإيرانية بالكامل، حيث أن استمرار هذه القوة الإيرانية، يعني استمرار الخوف في دول الخليج، مما يعني استمرار طلب الحماية الأمريكية، ويعني استمرار شراء الأسلحة والمعدات الأمريكية، وهو ما يعد أحد أهداف السياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.

ولنا مثال فيما حدث مع حدث مع كوريا الشمالية، حيث تصاعدت الحرب الكلامية بين الدولتين، ووصلت إلى تهديد كوريا الشمالية بإطلاق الصواريخ النووية ضد الولايات المتحدة، إلا إنها في النهاية رضخت أمام القوة العسكرية الأمريكية، وانعقد اللقاء بين زعيمي الدولتين، ووافقت كوريا الشمالية على المطالب الأمريكية. وقياساً على ذلك، فمن المتوقع في هذه المشكلة، أن تنجح الولايات المتحدة الأمريكية في إجبار إيران على إعادة صياغة الاتفاق النووي، بحيث تضمن الولايات المتحدة عدم قدرة إيران، مستقبلاً، تحت أي ظرف، على إنتاج السلاح النووي. كما ستضمن الولايات المتحدة الإبقاء على القوة العسكرية الإيرانية التقليدية، لضمان احتياج دول الخليج إلى الحماية الأمريكية.

وهناك افتراض غير مقبول، وهو تهور النظام الإيراني بتنفيذ عمليات محدودة ضد ناقلات البترول في خليج هرمز، وهو ما سترد عليه الولايات المتحدة الأمريكية، في هذه الحالة، بتنفيذ ضربة عسكرية وقائية، محدودة، ضد أهداف معينة، من شأنها إضعاف القدرة العسكرية الإيرانية. ومع ذلك، أبقى على رأيي، باستحالة إقدام إيران على مثل هذا الأمر، في ظل ما أشرت إليه سابقاً، من رغبة كلا الطرفيين، الإيراني والأمريكي، في عدم اشتعال الموقف في المنطقة لأكثر من ذلك … وعلينا أن ننتظر لنشهد ما ستحمله لنا الأيام القادمة من أحداث على أرض خليج هرمز ومنطقة الخليج العربي.



Email: sfarag.media@outlook.com