العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

تلك كانت مسيرة حياة هذه السيدة العظيمة وكان أول لقائى معها عندما توليت منصب محافظ الأقصر.

الوزيرة فايزة أبوالنجا
 

لواء د. سمير فرج

 20 إبريل 2024


رغم أننا أصدقاء منذ الصغر فى مدينتنا الحبيبة بورسعيد، إلا أننى لم أعرف إمكانيات هذه الشخصية العظيمة إلا عندما أصبحت محافظًا للأقصر وتعاملنا معًا! لمدة سبع سنوات، هى فترة أن كنت محافظًا للأقصر.

وفايزة أبوالنجا، من مواليد 12 نوفمبر فى مدينة بورسعيد تولت منصب وزيرة الدولة للشؤون الخارجية فى وزارة الدكتور / عاطف عبيد فى نوفمبر عام 2001، ثم وزيرة التعاون الدولى فى وزارتى الدكتور / أحمد نظيف الأولى والثانية، ثم وزيرة التخطيط والتعاون الدولى فى وزارات الفريق / أحمد شفيق والدكتور / عصام شرف والدكتور / كمال الجنزورى الثانية عام ٢٠١٢، وفى 5 نوفمبر ٢٠١٤ أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى قرارًا جمهوريًا بتعيينها مستشارًا لرئيس الجمهورية للأمن القومى لتصبح أول سيدة فى مصر تتولى هذا المنصب.

وللوزيرة فايزة أبوالنجا تاريخ طويل فى مجال السياسة الخارجية منذ عام ١٩٧٥ عندما التحقت بالعمل فى وزارة الخارجية المصرية وكان أول مهمة لها فى الخارج هى عضو فى البعثة الدائمة لمصر لدى الأمم المتحدة فى نيويورك 1979- ١٩٨٤، حيث مثلت مصر فى اللجنة الأولى للجمعية العامة للأمم المتحدة لنزع السلاح والأمن الدولى وكذلك فى اللجنة الثالثة المعنية بحقوق الإنسان والمسائل الاجتماعية وفى مجلس الأمم المتحدة لناميبيا حتى استقلالها.

ولقد شغلت فايزة أبوالنجا فى الفترة من 1999 حتى نهاية 2001 وبعد ترقيتها إلى درجة سفيرة منصب مندوبة مصر الدائمة لدى الأمم المتحدة فى جنيف، كما شغلت منصب مندوبة مصر الدائمة لدى منظمة التجارة العالمية ومؤتمر نزع السلاح وكافة المنظمات الدولية الأخرى التى يوجد مقرها فى جنيف وفى العاصمة السويسرية برن، وهكذا أصبحت أول امرأة مصرية تشغل هذه المناصب، وخلال الفترة من 1997 - 1999 شغلت منصب نائبة مساعد وزير الخارجية المصرية للعلاقات الإفريقية، حيث لعبت دورًا بارزًا فى تحسين العلاقات المصرية فى إفريقيا وفى عام ١٩٨٤ وبعد انتهاء مهمتها فى نيويورك عادت إلى وزارة الخارجية لتلتحق بالعمل فى مكتب وزير الدولة للشؤون الخارجية ثم نائب رئيس الوزراء للعلاقات الخارجية وعندما تم انتخاب الدكتور بطرس غالى أمينًا عامًا للأمم المتحدة فى يناير 1992 كانت فايزة أبو النجا الوحيدة التى اختارها للعمل معه كمستشارة سياسية خاصة لتصبح أيضًا أول سيدة تشغل هذا المنصب الأممى فى تاريخ الأمم المتحدة. وفى عام 1987 انضمت لفريق الدفاع المصرى عن طابا برئاسة السفير نبيل العربى، وفى عام 2010 تم انتخابها كعضو مجلس الشعب عن مدينة بورسعيد.

تلك كانت مسيرة حياة هذه السيدة العظيمة وكان أول لقائى معها عندما توليت منصب محافظ الأقصر وأصدر الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء آنذاك قرارًا بتكوين لجنة لمتابعة تطوير مدينة الأقصر التى بدأت بزيارته للأقصر ومعه ١٣ وزيرًا بناء على أوامر السيد الرئيس مبارك، حيث عرضت على اللجنة خطة التنمية الشاملة للأقصر لمدة خمس وعشرين سنة قادمة وبعد أن تمت الموافقة على الخطة ومنذ يومها كنا نجتمع كل أسبوعين فى مكتب رئيس الوزراء فى القرية الذكية وكانت اللجنة مكونة من الوزيرة فايزة أبوالنجا، الوزير فاروق حسنى وزير الثقافة، الوزير أحمد المغربى وزير السياحة والإسكان، ووزير التنمية المحلية عبدالسلام المحجوب، وكان يدعى فى بعض الأحيان من الوزراء من يلزم وجوده مثل اللواء حبيب العادلى، وزير الداخلية.

ومن هنا بدأنا تنفيذ خطة التطوير وكانت أهم مشكلة لتنفيذ هذه الخطة هى توفير الدعم المالى وكانت فى البداية خطة تطوير ساحة الكرنك ويومها بدأت الحيرة من أين يتم التمويل، وكان الرد من فايزة أبوالنجا أن وزارة التعاون الدولى ستدبر التمويل اللازم وجاء رد رئيس الوزراء: ليس من ميزانية الدولة وكان رد فايزة أبوالنجا: اطمن يا فندم أنا قادرة على توفير التمويل المطلوب من المنح الأوروبية لتنفيذ المشروع إن شاء الله.

وفى خلال أسبوع كنت فى مكتبها فى وسط القاهرة أتسلم الشيك لتطوير ساحة معبد الكرنك وبعد عام واحد عندما انتهى المشروع وفاز بجائزة اليونسكو للتطوير سافرت إلى المؤتمر السنوى فى البرازيل لليونسكو لأتسلم الجائزة واتصلت بها وقلت لها لولاكِ لما تم هذا المشروع لتطوير ساحة أكبر أثر فى العالم كله وهو معبد الكرنك.

وخلال التنفيذ كنت أدعوها لمشاهدة الموقع وكانت ترى أن الأموال التى وفرتها حققت عملًا عظيمًا لصالح مصر، وبعدها جاءت المشكلة الأكبر وهى إعادة فتح طريق الكباش وتحويل الأقصر إلى أكبر متحف مفتوح فى العالم.

وكان المبلغ المطلوب تدبيره كبيرًا للغاية، حيث إن هناك تعويضات لإزالة ٤٥٠ عمارة تم بناؤها فوق طريق الكباش، وبناء مبنى جديد لقسم شرطة الأقصر، الذى كان مقامًا فوق طريق الكباش ونقل أربعة مساجد وكنيسة علاوة على تعويضات الزراعة للأهالى التى كانت تزرع الأراضى فوق طريق الكباش ثم عدد من الكبارى التى تمر فوق طريق الكباش وتطوير الطريق نفسه والطرق على أجنابه.

كل ذلك كان يتطلب تمويلًا ضخمًا ولكن العظيمة العظيمة المرأة الحديدية سافرت وحضرت اجتماع مجلس الاتحاد الأوروبى وعرضت عليهم خطة تطوير الأقصر وحصلت على منحة أوروبية لتمويل الأقصر وتحويلها إلى متحف مفتوح، وعادت إلى مصر وبمجهودها الشخصى وفرت المبلغ المطلوب، لذلك أقول بكل صراحة إنه لولا هذه السيدة المصرية حتى النخاع لما نجحت مصر فى فتح طريق الكباش وتحويل الأقصر إلى متحف مفتوح، وهو ما أدى إلى صدور قرار رئيس الجمهورية بتحويل مدينة الأقصر إلى محافظة الأقصر.

وللأسف عندما احتفلت مصر منذ سنوات قليلة بافتتاح طريق الكباش فى احتفال مهيب ورائع لم يذكر اسم أحد من الذين لهم الفضل الحقيقى فى هذا الإنجاز التاريخى وأولهم العظيمة فايزة أبوالنجا ورئيس الوزراء وغيرهما حتى أنا.

لكن هذه هى الدنيا النجاح له مائة أب والفشل له أب واحد، وامتدت مساعدة الوزيرة فايزة أبوالنجا لكل مشروعات تطوير الأقصر، ٨٢ مشروعا قدمت فيها الدعم المادى لعدد ٥٠ مشروعًا من بينها تطوير محطة الأقصر والسوق التقليدية والممشى على كورنيش النيل ولعل من أهمها البيت النوبى لأهالى النوبة الموجودين فى الأقصر، حيث تم بناء مبنى كبير لأهل النوبة، يتم فيه تدريبهم على الحرف اليدوية النوبية، حتى لا تندثر من خلال ورش عمل فى الدور الأرضى، أما الدور الثانى فكان مكانا لبيع هذه المنتجات سواء السجاد الكليم أو والمشغولات النوبية حتى رسم التاتو وهو ما يقبل عليه الزائرون الأجانب للمدينة، وفى الفناء الخارجى كانت تقدم الوجبات النوبية للسياح فى وجبة الغذاء حيث يشاهد السائح كيف يتم إعداد الطعام بما فى ذلك إعداد الخبز وكان دخل هذا المركز يخصص لصالح أهالى النوبة فى الأقصر.

وكان من أهم مساعدات الوزيرة فايزة أبوالنجا بعد تطوير ساحة الكرنك وفتح طريق الكباش هو مشروع نقل سكان القرنة، التى اعتبرت ثانى أكبر عملية نقل للسكان فى تاريخ مصر، بعد نقل أهالى النوبة عند بناء السد العالى، حيث تم نقل ٣٢٥٠ أسرة تسكن فوق المقابر الفرعونية فى البر الغربى لعدد ٩٥٠ مقبرة فرعونية، وتم بناء قرية حضارية جديدة لهم تتناسب مع أسلوب حياة ومعيشة الأسرة النوبية باسم قرية القرنة الجديدة فى احتفال كبير حضره رئيس اليونسكو والوزيرة فايزة أبوالنجا والدكتور زاهى حواس فى احتفال عالمى ضخم تم نقل هؤلاء السكان وأصبحت منطقة القرنة وآثارها لأول مرة بعدد 950 مقبرة فرعونية تحت سيطرة وزارة الثقافة دون أى تواجد للأهالى فوق هذه المقابر وكان مجهودا كبيرا تكلل بالنجاح.

وأذكر فى هذا الصدد أن الرئيس الراحل حسنى مبارك اتصل بفايزة أبوالنجا وقال لها «إيه يا فايزة كل الفلوس دى اللى بتديها لسمير فرج ولا علشان إنتم بورسعيدية زى بعض»، فردت قائلة «يا سيادة الرئيس الفلوس لما بتروح لحد شغال وعنده خطة واضحة بينفذها بكفاءة عالية زى سمير فرج بتكون فى مكانها وكل جنيه بيتصرف على الأقصر ها يجيب قصاده 10 وأكتر». وتبقى الحقيقة أنه لولا الدعم المادى من الوزيرة فايزة أبوالنجا لما نجحت هذه العملية، لذلك قمت بإطلاق اسم الوزيرة فايزة أبوالنجا على أحد الشوارع داخل الأقصر، وكانت المرة الأولى التى يحدث فيها ذلك فى الأقصر ويرحب به أهالى الأقصر الذين يقدرون دورها فى مدينتهم. هى تستحق ذلك لأنه لولا هذه السيدة لما تمت عملية تطوير الأقصر التى حولت الأقصر إلى ما هى عليه الآن.

لذلك وجب علىّ إعطاؤها حقها لأن ذلك جزء من تاريخ مصر وأن ذلك النجاح الذى تحقق فى الأقصر تم بفضل العديد من العظماء وعلى رأسهم فايزة أبوالنجا. هذه السيدة المصرية العظيمة الوزيرة فايزة أبوالنجا المرأة الحديدية المصرية بنت نيل مصر ونبتها.



Email: sfarag.media@outlook.com