العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

يتكون مركز القيادة الاستراتيجى (الأوكتاجون)، أو وزارة الدفاع المصرية الجديدة، من ثمانية مبانٍ، بأضلاع خارجية متداخلة، مثمنة الشكل.

مركز القيادة الإستراتيجى.. الأوكتاجون
 

لواء د. سمير فرج

 11 مايو 2023


يُعد مركز القيادة الإستراتيجى للقوات المسلحة المصرية (الأوكتاجون)، هو المركز الرابع، حالياً،على مستوى العالم، بعد البنتاجون الأمريكى، والمركز الاستراتيجى الروسى، الذى زاره الرئيس السيسى، بصحبة الرئيس بوتين، عند زيارته روسيا، والتى كانت أول زيارة لأجنبى لذلك المركز، أما المركزالثالث، عالمياً، فهو المركز الإستراتيجى فى الصين.

وحاليا، وإذ يتوالى انتقال كل مؤسسات الدولة المصرية للعاصمة الإدارية الجديدة، والمقرر اكتماله خلال العام الحالى، تتأهب وزارة الدفاع المصرية، للانتقال، كذلك، إلى مقرها الجديد، بالعاصمة الإدارية، والذى يُطلق عليه اسم الأوكتاجون، المشتق من اللغة اليونانية القديمة، ويعنى ثمانى الأضلاع، فكلمة أوكتا تعنى الرقم ثمانية، مثلما تعنى كلمة بنتا الرقم خمسة، ومنه أطلق اسم بنتاجون على مبنى وزارة الدفاع الأمريكية، ذى الأضلاع الخمسة.

يتكون مركز القيادة الاستراتيجى (الأوكتاجون)، أو وزارة الدفاع المصرية الجديدة، من ثمانية مبانٍ، بأضلاع خارجية متداخلة، مثمنة الشكل، يتوسطها مبنيان آخران، فى المركز، مع إمكانية إضافة مبنيين آخرين، داخل هذا المحور، فى المستقبل، وفقاً للمخطط الهندسى، وقد تم إقامة تلك المبانى لاستيعاب جميع الهيئات، والإدارات التابعة للقوات المسلحة المصرية.تتشابه فلسفة بناء الأوكتاجون، مع فكرة مبنى وزارة الدفاع الأمريكية، البنتاجون، فى الجمع بين جميع المنشآت، والإدارات المركزية، للجيش المصرى فى منطقة واحدة، بهدف تيسير وتنسيق العمل والمهام فيما بينها، بدلاً من الوضع القائم، الذى تتوزع فيه تلك المنشآت بين عدد من المناطق، داخل القاهرة، الأمر الذى يخلق صعوبة فى إدارة العمل اليومى، والتنسيق السريع بين الإدارات والهيئات. وهنا تذكرت زياراتى الرسمية، المتكررة، للولايات المتحدة الأمريكية، ضمن وفود مصر العسكرية، عندما كنا ندخل، فى الصباح، لمبنى البنتاجون، فلا نخرج منه إلا فى نهاية اليوم، لأن جميع القيادات موجودة بداخله، فما كان علينا إلا التحرك من دور لآخر، وفقاً للارتباطات بإدارات أو هيئات متخصصة.يرجع توزيع وتمركز منشآت الجيش المصرى، حاليا، إلى أزمنة مختلفة، فتجد بعض تلك المنشآت عبارة عن بقايا معسكرات ومبانى الجيش الإنجليزى، التى كانت موجودة بمنطقة العباسية. فضلاً عن أن بناء منشآت ومعسكرات الجيش، كان يعتمد، فى الماضى، على التوجه للصحراء، بعيداً عن قلب القاهرة، خارج منطقة العباسية، فى ذلك الوقت، ومع الزحف العمرانى لتلك المناطق، صار من الضرورى إخلاؤها من المنشآت العسكرية، وجمعها فى منطقة واحدة، وهى الفرصة التى تهيأت مع العاصمة الإدارية الجديدة، لتواكب القوات المسلحة المصرية الفكر العالمى، بإنشاء مركز القيادة الاستراتيجى، الذى يجمع كل الإدارات المركزية، والهيئات التابعة لوزارة الدفاع، فى مكان واحد، وهو الأوكتاجون فى العاصمة الإدارية.

خرج التصميم المعمارى لمبنى الأوكتاجون، ليمزج بين الحضارتين، المصرية القديمة، والإسلامية، فالواجهة الخارجية للمبنى تشبه معبد حتشبسوت، بينما الشكل المثمن للمبنى مستلهم من النجمة الإسلامية. تم إقامة المبنى على مساحة 189 ألف كيلومتر مربع، ويتكون من خمسة طوابق، ويشمل ستة مراكز؛ الأول مركز البيانات الاستراتيجية، الذى تجتمع فيه كل بيانات أجهزة ومؤسسات الدولة، والثانى هو مركز تحكم الشبكة الاستراتيجية، أما الثالث فهو مركز إدارة وتشغيل مرافق الدولة، والرابع هو مركز الاتصالات، والخامس هو مركز الطوارئ، وأخيرا السادس وهو مركز التنبؤات الجوية. كما يوجد مبنيان مركزيان آخران، أحدهما يمثل المركز الرئيسى للقيادة العامة للقوات المسلحة لإدارة شئون التخطيط والعمليات، والمبنى الآخر للمركز الاستراتيجى المعنى بإدارة الأزمات على مستوى الدولة، ومهمته جمع، وتحليل، وحفظ، المعلومات الخاصة بمؤسسات وأجهزة الدولة، وهو ما لم يكن معمولاً به من قبل، فى مصر، بهذا النمط المركزى المتميز.

يتماشى ذلك التصميم الجديد لوزارة الدفاع المصرية مع المنظومة العالمية للجيوش المتقدمة، التى تعتمد على التقنيات الحديثة، فى ظل عولمة نظام المعلومات واستغلال الفضاء السيبرانى، والذكاء الاصطناعي. ولقد تم إنشاء وتجهيز ذلك المقربأحدث أنظمة العصر من الحاسبات الآلية، ونظم ميكنة وأتمتة المعلومات الحديثة، Automation، بما يضفى مزيداً من الكفاءة فى عمليات إدارة القيادات العسكرية. فضلاً عما يحققه من أقصى درجات التأمين الكامل، سواء للأفراد، أو المعلومات، أو المنشآت، باستخدام الوسائط الأوتوماتيكية، للحماية ضد مخاطر الاختراق من الأجهزة المعادية، مع تأكيد القدرة للعودة للنظام الورقى القديم، حال حدوث أى تهديد أمنى، وهو ما اهتمت به القيادة العامة للقوات المسلحة، المسئولة عن تنفيذ هذا المركز الإستراتيجى. يضاف لكل ماسبق أن مراكز المقر ستضم أماكن إقامة للعاملين، وأسرهم، ومخازن إستراتيجية، ومناطق رياضية وترفيهية.

كما يشمل الأوكتاجون مركزا لإدارة الأزمات، على أعلى مستوى، يعد تطويرا للمركز الذى أنشأته القوات المسلحة، منذ أكثر من 20 عاما، ويعتمد على قاعدة عريضة من المعلومات والبيانات الخاصة بكل اتجاهات الدولة الاستراتيجية، والتى تم استخلاصها من جميع أجهزة الدولة ومؤسساتها، مع وضع سيناريوهات الحلول، والبدائل المتاحة، لتنفيذها عند حدوث أى أزمة تؤثر على الأمن القومى المصرى. يتصل هذا المركز بباقى مراكز إدارة الأزمات، فى كل محافظات ووزارات وأجهزة ومؤسسات الدولة المصرية، بما يحقق لكل قادة القوات المسلحة الاستفادة منها عند الحاجة. وهكذا أدخلت القوات المسلحة المصرية هذا التطوير الجديد، بما يتماشى مع تطورات العصر الحديث، وبما يتيح لقياداتها الاطلاع على كل ما هو جديد ومتطور عالميا.



Email: sfarag.media@outlook.com