العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

وبقينا فى الفيوم مدة ثلاثة أسابيع، تدربنا خلالها فى بحيرتى الفيوم وقارون، على هذه المركبات البرمائية الجديدة فى المياه، وتدربنا على ضرب النار ليلاً أثناء السباحة بهذه المركبات فى البحيرات.

ذكريات على ضفاف بحيرة الفيوم
 

لواء د. سمير فرج

 30 سبتمبر 2022


كنت فى زيارة عمل بمدينة الفيوم، وخلال رحلة العودة للقاهرة، رأيت علامة الطريق المشيرة إلى بحيرة الفيوم، فطلبت من السائق أن يسلك الطريق إليها، لاسترجع أجمل وأحلى ذكريات عمري، التى قضيتها على ضفاف تلك البحيرة الهادئة الجميلة.

تعود ذكرياتى إلى عام 67، عندما فقدت القوات المسلحة المصرية أسلحتها ومعداتها فى حرب يونيو من ذلك العام، وبدأنا مرحلة إعادة بناء الجيش، واستلام أسلحة جديدة من روسيا، وكنت من سلاح المشاة، المعروف قبل حرب يونيو 67 باسم «مشاة راكبة»، لأننا كنا نركب سيارات اللورى للانتقال لميادين القتال، وبعد تطوير وحدات المشاة، أصبحنا مشاة ميكانيكية، حيث أمدتنا روسيا بالمركبات المدرعة البرمائية «التوباز»، ذات الجنزير، التى كنا نراها لأول مرة.

وأتذكر ونحن فى معسكر دهشور، وكنت قائد سرية، أن تسلمت عشراً من تلك المدرعات، فكنا نتعامل معها بمنتهى الحرص والحنان، كأنها ابنتى الصغيرة، فغسلناها بالسولار، لنزيل عنها شحم المصنع، قبل أن نبدأ التدريب عليها. ثم حان موعد تدريب السائقين الجدد عليها، وتدريب رامى المركبة على الرشاش، والمدفع البازوكا، وكانت فترة قاسية فى الصحراء ثم الرماية فى ميادين الرماية نهاراً وليلاً.

ثم حانت المرحلة الحاسمة، وهى التدريب على استخدامها فى المياه، لأنها مركبات برمائية، فنظم لنا الجيش معسكراً فى منطقة بحيرة الفيوم، وتوجهنا لتدريب السائقين على النزول من البر إلى المياه، وكيفية السباحة بها فى المياه، وكانت مرحلة مهمة لنا، لأننا سنستخدم تلك المدرعة البرمائية فى عبور قناة السويس، لتدمير خط بارليف، واستعادة أرض سيناء الحبيبة، فلا عجب أننا حافظنا على تلك المدرعات وكأنها أغلى أولادنا.وبقينا فى الفيوم مدة ثلاثة أسابيع، تدربنا خلالها فى بحيرتى الفيوم وقارون، على هذه المركبات البرمائية الجديدة فى المياه، وتدربنا على ضرب النار ليلاً أثناء السباحة بهذه المركبات فى البحيرات.

ووصلت بسيارتى إلى مكان المعسكر القديم، الذى تغير شكله وأصبح معسكر مبان، بدلاً من الخيام، التى كنا نعيش فيها أيام حرب الاستنزاف، فنزلت من السيارة، ونظرت إلى مياه البحيرة، وشعرت وكأننى أسمع أصوات السائقين ... «شغل التربينات ... عمر مدفع البازوكا ... الهدف أمامك وسط البحيرة ...». وبعد ساعة كاملة عدت إلى السيارة، لكى أعود للقاهرة، حاملاً أجمل ذكريات العمر ... ذكريات التدريب استعداداً لنصر أكتوبر 73 على ضفاف بحيرة الفيوم.



Email: sfarag.media@outlook.com