العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

وهنا نتساءل عن كيفية عمل هذا الموقع، المعتمد عالمياً، لتصنيف قوة مصر العسكرية، أو أية دولة أخرى؟ وكيف يتم ترتيب ميزان القوة العسكرية لهذه الدول، على المستوى العالمي، أو على مختلف المستويات الإقليمية؟

الجيش المصري الثاني عشر عالمياً طبقاً لإحصاءات 2018
 

لواء د. سمير فرج

 16 نوفمبر 2018


أصدر موقع جلوبال فاير باور (Global Firepower)، أحدث تصنيفاته، لعام 2018، لترتيب جيوش العالم، من حيث القوة، والتي احتل فيها الجيش المصري، المركز الثاني عشر، على مستوى جيوش العالم، بالإضافة إلى تصنيفه في المركز الأول عربياً، وكذلك أفريقياً.

وطبقاً لتقرير الموقع، فإن تعداد السكان في مصر يتجاوز ٩٧ مليون نسمة، بينها ٤٢ مليون نسمة يمثلون قوى بشرية متاحة للعمل، بينما يتجاوز عدد من لا يصلحون للخدمة العسكرية ٣٥ مليون نسمة، مضيفاً أن ما يزيد عن المليون ونصف المليون فرد، يصلون إلى سن التجنيد سنوياً. وطبقاً لإحصائيات الموقع، فإن قوات الجيش المصري تصل إلى مليون و٣٠٠ ألف فرد؛ بينهم ٤٥٤ ألف قوات عاملة، والباقي احتياط. وفضلاً عن تعداد القوى البشرية، فقد ذكر الموقع أعداد الأسلحة التي تمتلكها القوات المسلحة المصرية، مما ساهم في تأهلها لذلك الترتيب العالمي المتقدم، فالجيش المصري يمتلك ١١٣٢ طائرة حربية متنوعة؛ منهم ٣٠٩ مقاتلة، و٤٠٩ طائرة هجومية؛ ويصل عدد المروحيات إلى ٢٦٩ مروحية. ويبلغ عدد الدبابات 5 آلاف دبابة، وما يزيد عن ١٥٦٠٠ مدرعة. وركز الموقع على امتلاك مصر، حالياً، لقوة بحرية ضارية، قوامها ٣١٩ قطعة بحرية؛ حاملتي مروحيات، و٩ فرقاطات، و٦ غواصات، و٤ طروات، وعدد من الزوارق الدورية، وكاسحات الألغام.

كما تعرض الموقع لعدد آخر من المؤشرات الهامة، التي يتم اعتبارها في ترتيب القوى، منها احتياطي مصر النفطي، والاحتياطي النقدي الذي يصل إلى ٣٤ مليار دولار، فضلاً عن عدد الموانئ البحرية، والجوية، وكذلك القوى العاملة في مصر، والتي يصل عددها إلى ٣٠ مليون نسمة، وأشار الموقع إلى أن ميزانية الدفاع المصرية تصل إلى ٤,٤ مليار دولار سنوياً.

وهنا نتساءل عن كيفية عمل هذا الموقع، المعتمد عالمياً، لتصنيف قوة مصر العسكرية، أو أية دولة أخرى؟ وكيف يتم ترتيب ميزان القوة العسكرية لهذه الدول، على المستوى العالمي، أو على مختلف المستويات الإقليمية؟

والواقع أن هناك عوامل كثيرة، لعل أولها الخبرة القتالية لهذه الجيوش، ومدى اشتراكها في حروب سابقة تقليدية، مع أطراف ذات كفاءة وقدرة قتالية عالية. وتعد مصر وإسرائيل أهم هذه الدول على الساحة عالمياً، بعد حربهما في أكتوبر 1973. يلي ذلك مستوى تعليم الفرد المقاتل في الدولة، ولعل هذه الطفرة في مستوى الجندي المصري بعد هزيمة 1967، والتركيز على ضم حملة الشهادات العليا إلى صفوف المقاتلين، قد اعطى مصر قوة وميزة كبيرة في تقدمها في ترتيب القوى العسكرية. يأتي، بعد ذلك، مستوى تدريب الوحدات المقاتلة، وتنفيذها مناورات ومشروعات بالذخيرة الحية، إضافة إلى التدريب المشترك مع الدول الأخرى؛ فكان لاشتراك مصر في تدريبات “النجم الساطع” مع الولايات المتحدة الأمريكية، واشتراكها في تدريبات أخرى مع روسيا، وعدد من الدول الأوروبية، كبير الأثر في تقدم مركزها، نظراً لما حققه الجيش المصري من استفادة، وخبرة، خلال تلك التدريبات المشتركة.

يضاف إلى ما سبق، عامل هام وهو حجم الصناعات الحربية للدولة، ومدى مساهمته في تدبير احتياجات قواتها المسلحة، سواء في المعدات أو الذخائر. ويحتسب في ميزان القوى، كذلك، عنصر تدريب القادة والضباط في المعاهد الدولية المختلفة، وبعثات ضباطها في الخارج في دول ذات عقائد قتالية مختلفة. كما يأتي على رأس عمليات التقييم، قيادة القوات المسلحة، التي تعتمد في بعض الدول على أن يكون قادة الجيوش من أعضاء العائلات الملكية، حتى وإن كانوا من غير المؤهلين عسكرياً، ولكنهم يحققوا أمن الدولة بسيطرتهم على الجيش.

ويدخل، أيضاً، في هذا التقييم، الروح المعنوية لأفراد القوات المسلحة، لكل دولة، ومدى انتماء أفراد القوات المسلحة لهذه الدولة، في ظل اعتماد بعض الدول، ذات الكثافة السكانية المحدودة، على منح الجنسية لأفراد دول أخرى، لتجنيدهم بين صفوف قواتهم المسلحة، بهدف زيادة حجمها، مقابل أجر مادي كبير نسبياً، وغالباً ما تكون هذه العناصر من دول فقيرة. والواقع أن هؤلاء الجنود لا يشعرون بانتماء حقيقي لتلك الدول، ولا تجد ولاءً، لمعظمهم، مع اندلاع أول شرارة خطر. ويأتي بعد ذلك تقدير منظومات القتال المختلفة، فشراء الدول لعدد من الطائرات المقاتلة، مثلاً، دون أن يكون لديها أطقم للصيانة، أو لإعادة تجهيز الطائرة للقتال، مرة أخرى، أثناء سير العمليات، لا يضيف لرصيد نقاطها شيئاً.

كما أن هذه الأعداد من الطائرات، لابد أن يصاحبها عدد محدد من الرادارات، والمطارات، ووحدات حرب إلكترونية، ووحدات إعاقة، في إطار منظومة قتالية واحدة، وإلا أصبحت غير ذات نفع أو جدوى. وكذلك نفس الأمر مع القوات البحرية، التي لا تُقدّر بعدد السفن والمدمرات والغواصات، بل بالقدرة على أعمال الصيانة، وأعداد الرادارات والموانئ، حتى يصل الأمر لأسلوب الدفاع عن هذه الموانئ وتأمينها. ومثال على ذلك، لدولة لديها قوات من المظليين، ولا تملك الطائرات اللازمة لنقل هذه العناصر من قوات المظلات.

ويأتي بعد ذلك إمكانية الدولة في الحصول على قواعد عسكرية في خارج الدولة، وكذلك تسهيلات جوية وبحرية لقواتها في دول أخرى، على أن تكون هذه الدول في مناطق ذات بُعد استراتيجي وتحقق مفاهيم الأمن القومي لهذه الدولة. يضاف إلى ذلك وجود عناصر من قوات شبه نظامية، تساعد القوات المسلحة، أثناء الحروب، في تأمين منشآتها الحيوية، ولعل وجود الأمن المركزي المصري، يحقق للقوات المسلحة المصرية التفرغ، وقت الحرب، للعمليات القتالية، وتترك مهمة تأمين الداخل مثل محطات الكهرباء والسدود والقناطر ومحطات المياه لتلك القوات الشبه نظامية.

وتأتي نقطة هامة، أخيرة، وهو وجود تحالفات عسكرية مع دول أخرى قريبة؛ أو العمل في نظام عسكري متكامل، مثل وجود مصر في منظومة الدفاع المشترك لجامعة الدول العربية؛ والاتفاقات العسكرية الحالية في التحالفات العربية ضد الحوثيين في اليمن، وهكذا.

كانت هذه بعضاً من عناصر تقييم القوات المسلحة لأي دولة، طبقاً لتقديرات موقع جلوبال فاير باور. لذلك كان استحقاق الجيش المصري على المركز الثاني عشر عالمياً، بين أقوى جيوش العالم، وهو تقدير عظيم للدولة المصرية، لتكون قادرة، دوماً، على حماية أراضيها واستثماراتها بإذن الله.



Email: sfarag.media@outlook.com