العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
كما يُحكى أنه منذ سنوات طويلة، زار الشيخ عبد الباسط عبد الصمد جامع السلطان أحمد فى إسطنبول.
|
رمضان فى تركيا
لواء د. سمير فرج
|
28 مارس 2025
|
ثلاث سنوات قضيتها ملحقاً عسكرياً لمصر فى تركيا، فى العاصمة أنقرة، التى تُعد العاصمة السياسية، بينما تعرف إسطنبول بأنها العاصمة التاريخية، التى يقع فيها جامع السلطان أحمد، أو كما يسميه الأجانب «الجامع الأزرق»، والذى يُعتبر أحد أشهر معالم المدينة، ويشبه جامع محمد على فى القلعة، وقد بناه العمال المصريون فى عهد الدولة العثمانية.
خلال فترة وجودى فى تركيا، كانت البلاد لا تزال تعيش فى عصر الزعيم أتاتورك، الذى أسس لأن تكون تركيا دولة علمانية، حتى أن أذان المغرب لم يكن يُذاع فى التلفزيون أو الراديو طوال العام، إلا فى شهر رمضان فقط. أما «العيش البلدي» كما نسميه فى مصر، فكان يتم تصنيعه فقط فى شهر رمضان، ويُطلق عليه هناك اسم «البيتا».
ولمن يريد أن يشعر بأجواء رمضان، التى اعتدنا عليها فى مصر، فكان لابد وأن يزور القرى التركية البسيطة، التى كان أهلها يحافظون على الطقوس والعبادات، أما فى أنقرة، فكانت ملامح شهر رمضان تقتصر على إذاعة أذان المغرب، وإنتاج العيش البلدي، والقطايف، رغم شهرة الحلويات التركية، كالبقلاوة والكنافة وأصابع الوزير، الشبيهة لحلوى أصابع زينب فى مصر، إلا أنها أكبر فى الحجم، إلا أنها لا ترتبط بشهر رمضان.
ومثلما تتجلى صور التكافل الاجتماعى، فى عموم مصر، خلال شهر رمضان، بإقامة موائد الرحمن، كان لتركيا تقليد مختلف، ولا يظهر إلا فى قراها، حيث يتكفل كل يوم شخص بتنظيم الإفطار لكل أهل القرية، لكن ليس فى صورة موائد، بل فى شكل أطباق وأوانٍ تُوزع على الأسر الأكثر احتياجاً. أما فى محلات ومطاعم وسط العاصمة أنقرة، وبالذات فى منطقة «كيزلاي»، التى تشبه منطقة الحسين فى مصر، فكانت تلك المطاعم تقدم، يومياً، أطباقاً، توضع أمام المحلات ليأخذها البسطاء والفقراء خلال شهر رمضان، أما فى باقى مدن تركيا فكانت الفنادق والمطاعم تعمل بصورة طبيعية، دون ارتباط بالتوقيتات الخاصة بالشهر الفضيل.
كما يُحكى أنه منذ سنوات طويلة، زار الشيخ عبد الباسط عبد الصمد جامع السلطان أحمد فى إسطنبول، لتلاوة القرآن وإمامة المصلين فى صلاة التراويح، فشهدت المدينة حدثاً غير مسبوق، إذ تجمع نحو مليونى شخص للصلاة والاستماع لتلاوته، وامتلأت الشوارع والأزقة حول الجامع بالمصلين، الذين جاءوا من كل أنحاء تركيا، يحمل كل منهم وجبتيه للإفطار والسحور، وظلوا فى أماكنهم حتى الفجر ليستمعوا إليه، وهو ما كان سبباً لمنع الحكومة التركية لأى قارئ مصرى من الحضور لتلاوة القرآن فى رمضان.
كانت تلك بعضًا من ذكرياتى الرمضانية، فى تركيا، ويبقى لرمضان فى مصر مذاق خاص يشهد به كل من قضى ولو بعض من أيامه فيها
Email: sfarag.media@outlook.com
|