العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

منذ اللحظة الأولى التي وطئت فيها قدماى المستشفى شعرت بأننى في واحد من أكبر المستشفيات في أوروبا أو أمريكا.

المستشفى العالمى بمصر.. وداعًا للعلاج بالخارج
 

لواء د. سمير فرج

 20 يناير 2024


بعد توقيع مصر اتفاقية كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، حصلت مصر من أمريكا على معونة سنوية، خارج إطار المعاهدة التي يتم اعتمادها سنويا من الكونجرس الأمريكى.

بعد مروو عدة سنوات من حصول مصر على المعونة، وجدت الولايات المتحدة أن مصر تقوم باستخدامها لتنويع مصادرها في السلاح وزيادة قوتها العسكرية، الأمر الذي ربما يخلق اختلافا في التوازن العسكرى ويؤدى إلى تفوق مصر العسكرى على إسرائيل، فما كان منها إلا أن تطالب مصر بتوجيه جزء من المعونة لشراء معدات غير عسكرية.

وأتذكر يومها أن المشير طنطاوى، رحمه الله، قرر أن يكون توجيه هذا الجزء من المعونة العسكرية لخدمة الشعب المصرى، لذلك كان القرار بأن يتم استخدام الأموال في بناء المستشفيات لدعم المنظومة الصحية في مصر، وكان ثمار ذلك بناء المستشفى العسكرى في مدينة الطور جنوب سيناء، والتى لا يتواجد بها لنا أي قوات عسكرية طبقا لاتفاقية كامب ديفيد، الأمر الذي يعنى أن كافة خدماته موجهة لأهالى سيناء، أما المستشفى الثانى فتم إنشاؤه في أسوان لخدمة أهالى صعيد مصر، خاصة أنه ليس للقوات المسلحة تجمع عسكرى كبير في السودان.

أما المستشفى الثالث الذي تقرر إنشاؤه فكان «المستشفى العالمى» وحينها أمر اللواء إيهاب علوى، رحمه الله، بأن يتم اقتراح عدة مواقع لإنشائه لاختيار الأنسب منها، فجاء رأى هيئة العمليات بالقوات المسلحة باقتراح موقعين الأول على الطريق الدائرى، والثانى على طريق مصر- الإسماعيلية الصحراوى.

وخرجت مجموعة لاستطلاع الموقعين، وجاء قرار المشير طنطاوى يومها باختيار الموقع على طريق الإسماعيلية الصحراوى. ومن خلفه الطريق المؤدى إلى جنيفة التابعة لمحافظة السويس، وكانت وجهة نظر المشير طنطاوى في ذلك الاختيار أن يقوم المجمع الطبى الجديد بتقديم الخدمة الطبية لمحافظات بورسعيد والإسماعيلية والسويس، وكذلك شمال سيناء ثم محافظات شرق الدلتا: الشرقية والغربية ودمياط والبحيرة، والقاهرة والجيزة، وبذلك تكون المستشفيات الثلاث قد قامت بتغطية معظم أنحاء الجمهورية.

وأتذكر يوم احتفالية وضع حجر الأساس للمجمع الطبى مقولة المشير طنطاوى إنه سيكون أكبر مجمع طبى في مصر والشرق الأوسط، بالطبع لم أكن أدرى في ذلك اليوم أننى سأعود لنفس المكان بعد عدة سنوات، وأصبح من رواد ذلك الصرح الطبى الكبير الذي اختارت له مصر البناء وفق أحدث النظم العالمية وطبقا للكود الأمريكى لبناء المستشفيات، على أن يكون مجهزا بأحدث الأجهزة الطبية العالمية وتدريب الأطقم من أطباء وأعضاء هيئة التمريض على أعلى مستوى، وأظن أن عملية الإنشاء تجاوزت الـ15 عاما، أما التكلفة فوصلت إلى 8 مليارات دولار، جميعها من أموال المعونة الأمريكية.

ومنذ فترة قريبة داهمتنى آلام الغضاريف، تلك الآلام التي تعد فاتورة يعلم معظم العسكريين أنه سيحين موعد دفعها يوما ما بعد سنوات من العمل والتدريبات الشاقة والمناورات، واستخدام السيارات الجيب في الصحراء، وكانت النصيحة التي تلقيتها هي اللجوء للمستشفى العالمى، خاصة أننى قد سافرت لألمانيا عدة مرات لتلقى العلاج وكان الرأى الطبى دائما بضرورة إجراء عملية لعلاج الغضروف.

كنت مثلى مثل الكثيرين الذين يمتلكون فكرة مسبقة عن المشكلات الناجمة عن العمليات الجراحية في مجال الغضروف بالعمود الفقرى والتى غالبا ما تكون نتائجها غير مطمئنة، مما يجعل المرضى يفضلون اختيار تحمل الألم على النتائج غير المضمونة لذلك النوع من العمليات.

استمعت إلى النصيحة، خاصة بعد أن علمت أن الأمر يتم من خلال الجراحة الميكروسكوبية التي أصبحت مثل الحل السحرى لهذه الآلام، ولكن الأمر يعتمد بشكل كبير على الطبيب المعالج الذي سيقوم بإجراء العملية، وكان المستشفى العالمى يمتلك العديد من الخبراء المصريين والأجانب ممن يقومون بإجراء العمليات الجراحية الميكروسكوبية بمهارة شديدة، ومنهم الدكتور ماهيشا، أشهر وأمهر جراحى العالم حاليا في هذا المجال.

منذ اللحظة الأولى التي وطئت فيها قدماى المستشفى شعرت بأننى في واحد من أكبر المستشفيات في أوروبا أو أمريكا، وهناك التقيت بالخبير الأجنبى ومعه مساعده الطبيب المصرى البارع الدكتور «مجدى يوسف عمر»، جراح العمود الفقرى في مصر حاليا، من مستشفى عين شمس التخصصى، لم يكن يومها في نيتى إجراء هذه العملية، ولكن الخبير ماهيشا تمكن من إقناعى بعد أن استعرض معى، باستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة، كافة التفاصيل الخاصة بالعملية، وأجاب عن كافة تساؤلاتى ومخاوفى من إجرائها.

وكان من بين ما أخبرنى به الدكتور «ماهيشا» أن المستشفى واحد من أحسن المستشفيات في العالم التي تقوم بإجراء هذه العمليات، نظرا للمستوى الراقى سواء من المعدات والأجهزة والمتطورة، وكذلك الأطقم الطبية التي تساعده في إجرائها، ووجدت الابتسامة على وجه اللواء طبيب هشام الششتاوى، مدير المستشفى، لسعادته بتلك الشهادة من خبير دولى كبير في حق المستشفى.

وبالفعل أجريت العملية التي تمت بنجاح الحمد لله. وخلال خروجى، وأنا أسير على قدمى، قلت للواء طبيب هشام الششتاوى أشعر بأننى في مستشفى أمريكى، فكانت الإجابة: نحن نقدم أعلى مستوى للطب في الشرق الأوسط في مستويات جراحة القلب والصدر وزراعة الكلى والكبد، ثم مجالات علاج الأورام وزرع النخاع، وأمراض لوكيميا الدم، كما أننا نعتبر أكبر مركز في الشرق الأوسط في علاج الطب النووى والإشعاعى، ونحن المركز الوحيد في المنطقة الذي ينتج المادة المشعة التي تستخدم في المعجلات الخطية، (العلاج الإشعاعى)، حيث يوجد لدينا معمل السلوكو ترون، علاوة على أن لدينا أكثر من 200 اشتشارى من الخبراء المصريين والأجانب في مختلف التخصصات الحرجة على مستوى العالم، هذا بالإضافة إلى العيادات اليومية في مختلف التخصصات، وقسم الطوارئ الذي يعمل 24 ساعة.

ونحن الآن نهتم بالخبراء الأجانب في تخصصات العمود الفقرى والقولون والبنكرياس والأشعة الداخلية (تشوهات الأوردة والشرايين) وفى الشهر الواحد يأتى إلينا من 3 إلى 4 خبراء أجانب.

وأنهى اللواء هشام الششتاوى حديثة معى قائلا: لقد أنهينا بهذا المجمع الطبى أسطورة السفر للعلاج في الخارج، فكل ما كان يسافر المصرى من أجله للعلاج خارج مصر أصبح متوافرا وعلى أعلى مستوى

أما أنا فقد ترحمت على المشير طنطاوى الذي أظن أنه سيكون سعيدا عندما يعلم أن حلمه لهذا المستشفى بأن يصبح صرحا عالميا يوم وضعنا حجر الأساس قد أصبح حقيقة يشهد بها كبار الخبراء العالميين.



Email: sfarag.media@outlook.com