العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

والحمد لله، أن جيش مصر حافظ على قوته، وأبر قسمه، فى 30 يونيو 2013، بحماية حدود الوطن.

30 يونيو.. السياسة الخارجية فى الميزان
 

لواء د. سمير فرج

 29 يونيو 2023


جمعنى حوار مباشر مع السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، أثناء الاحتفال بذكرى حرب أكتوبر، فى الندوة التى انعقدت يوم السادس من أكتوبر 2022، بقاعة المنارة، قلت خلالها لسيادته: بعد 50 عاماً، سيرتبط اسم الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى التاريخ، بأنه مُخلص مصر من حكم جماعة الإخوان، واستطردت قائلاً: يا سيادة الرئيس رغم كل إنجازاتكم، سيبقى تخليصكم لمصر من حكم تلك الجماعة، الأبرز فى تاريخكم. لم تكن كلماتى مجرد مدح، وإنما كانت شهادة حق، عنيت كل حرف منها، لعلمى بما كان سيفعله الإخوان، حال استمرارهم فى حكم مصر.

ولعل أول ما كانت تلك الجماعة ستفعله هو إلغاء جيش مصر، وإنشاء حرس ثورى، بديلاً له، والدليل على ذلك زيارة قاسم سليمانى، لمصر، مرتين، ولقاؤه خيرت الشاطر، لإطلاعه على تفاصيل الخبرة الإيرانية فى التخلص من القوات المسلحة، وإنشاء الحرس الثورى الإيراني. وهنا يبادرنا التساؤل عن أهداف إيران، ومثلها أفغانستان، فى التخلص من الجيوش، وتكوين الحرس الثورى الإسلامى، وهو ما يجاب عليه، ببساطة، فى أن ولاء الجيش يكون للشعب والدولة، كما يقسم عليه الضباط عند تخرجهم من الكليات الحربية، بينما يقسم أفراد الحرس الوطنى على الولاء للمرشد، أو آية الله، وليس للوطن.

والحمد لله، أن جيش مصر حافظ على قوته، وأبر قسمه، فى 30 يونيو 2013، بحماية حدود الوطن، وأمنه، ومقدرات شعبه، واستثماراته فى قناة السويس، وحقول الغاز فى البحر المتوسط، وصارت القوات البحرية المصرية، فى المركز السادس، عالمياً، كأقوى القوات القادرة على تنفيذ مهامها. بل وزاد على ذلك تفوقها فى تطوير الصناعات الحربية المصرية، إذ تقوم الترسانة البحرية، اليوم، بتصنيع أحدث الفرقاطات الألمانية، فى الإسكندرية. كما حققت القوات المصرية أعلى مستويات التدريب المشترك مع مختلف القوات الأجنبية، التى تطلب تدريباً عسكرياً مشتركاً مع مصر.

أما السياسة الخارجية، فكانت فى أسوأ حالاتها، عندما تولى الرئيس السيسى مقاليد الحكم، ولعل أبرز الأمثلة كان تجميد عضوية مصر فى الاتحاد الإفريقى، فإذا بأول زيارة خارجية للرئيس السيسى، بعد 30 يونيو، تكون للمشاركة فى القمة الإفريقية، للعمل على استعادة العلاقات مع دول القارة، حتى ترأست مصر الاتحاد الإفريقى فى 2019، ومن بعده تولت رئاسة قمة السوق المشتركة لدول شرق وجنوب القارة الإفريقية الكوميسا، فى 2021، لمدة عامين.

وعلى صعيد التوازن مع القوى الكبرى، فبعد ثمانى سنوات من اضطراب العلاقات مع الولايات المتحدة، أثناء حكم الرئيس باراك أوباما، نجح الرئيس السيسى فى استعادة العلاقة، وإقامة شراكة إستراتيجية متطورة، مع أمريكا، فى عهد الرئيس دونالد ترامب، وهو ما استمر البناء عليه فى عهد الرئيس جو بايدن، الذى أعلن، مراراً، أن مصر ركيزة الاستقرار فى الشرق الأوسط، خاصة بما شهده من نجاحاتها فى إيقاف حروب غزة الخامسة والسادسة.

كما شهدت العلاقات مع روسيا توازناً ملموساً، سواء فى المجال العسكرى، بإمداد مصر بالأسلحة المتطورة، أو فى المجالات الاقتصادية، حيث قامت روسيا، بعد 30 يونيو، بالتعاقد على إنشاء المفاعل النووى المصرى، فى الضبعة، كما تعاقدت على إنشاء المنطقة الاستثمارية فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، لتكون أكبر منطقة صناعية روسية خارج أراضيها. وبنفس التوازن السياسى، تطورت العلاقات مع الصين، كثانى أكبر القوى الاقتصادية فى العالم، من خلال الزيارات المتبادلة بين الرئيسين المصرى والصيني.

وعلى الصعيد الأوروبى، اتسمت العلاقات مع فرنسا بالتميز، سواء فى مجال توريد الأسلحة، أو تأييد مصر فى تحدياتها الإقليمية، مثل أزمة غاز المتوسط، وقضية مياه النيل. ومع ألمانيا، سار المستشار شولتز على نهج المستشارة ميركل، فى الحفاظ على متانة العلاقات الثنائية، التى بدأت بعد 30 يونيو 2013، بالتعاون فى إقامة محطات الكهرباء، لتحقق مصر فائضاً فى الكهرباء، بعدما شهدته من معاناة خلال حكم جماعة الإخوان، فضلاً عن دعم مصر فى شراء الأسلحة والمعدات اللازمة. ولا ننسى نجاح الرئيس السيسى فى ترسيم الحدود البحرية مع اليونان وقبرص، بعد عشر سنوات من الاختلافات، لتشهد العلاقات الثلاثية تطوراً ملحوظاً، كان أساساً للتعاون الاقتصادى، والحفاظ على الأمن القومي. وإذا ما اتجهنا شرقاً، نحو آسيا، فسنقف أمام التطور الكبير فى العلاقات مع الهند، كأحد أهم دول القارة، والتى لم تشهد تطوراً منذ عهد الرئيس جمال عبدالناصر، إلا فى عهد الرئيس السيسى، بفتح مجالات التعاون المشترك، للاستفادة من الخبرة الهندية فى تطوير الصناعات الصغيرة، ولاستفادة الهند من خبرة مصر فى مشروع حياة كريمة. وفى نفس القارة سنلمس جهود التعاون المشترك مع اليابان، الذى تدلل عليه المائة مدرسة يابانية فى مصر، فضلاً عن تنمية الصادرات المصرية إلى اليابان. وحتى العلاقات مع تركيا، فرغم ما شهدته من توتر، بعد إزاحة الإخوان عن حكم مصر، إلا أن الإدارة التركية أدركت أن خلافاتها مع مصر تصب فى غير صالحها، وهو ما دعاها للسعى لإنهاء خلافاتها مع مصر، واستعادة العلاقات الدبلوماسية.

وعلى المستوى العربى، أحدثت مصر نهضة سياسية فى التقارب مع الدول العربية، ودول الخليج، من خلال سعيها لتحقيق السلام والاستقرار فى فلسطين وليبيا والسودان، باعتبارها امتداداً للأمن القومى المصري. وبهذا يتأكد أن ثورة 30 يونيو المجيدة قد أعادت لمصر توازنها ومكانتها مع كافة القوى العالمية والإقليمية والعربية، وحافظت على أمنها واستقرارها، وهو ما لم يكن ليتحقق فى حال استمرت جماعة الإخوان فى حكم مصر.



Email: sfarag.media@outlook.com