العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

استعرضت الباحثة خولة الشامى أبعاد الثورة المعلوماتية، التى نعيشها فى العصر الحديث،وما تمثله المواقع الإلكترونية ووسائل الاتصال الاجتماعى من أدوات لها.

عندما تعود الريادة للجامعات المصرية (2)
 

لواء د. سمير فرج

 4 مايو 2023


تناولت فى مقالي، الأسبوع الماضي، نبذة من مشاركتى ضمن لجنة مناقشة رسالة دكتوراه، للباحث العقيد نايف حمدان، من دولة الكويت، عن موضوع علاقة الشباب الكويتى بصفحات التواصل الاجتماعي، تلبية لدعوة من كلية الإعلام،بجامعة عين شمس،وهى الدعوات التى أحرص على تلبيتها، خاصة عندما يدور موضوع الرسالة حول الأمن القومى والإعلام وحروب الجيل الرابع والخامس. واليوم أعرض على سيادتكم مشاركتى فى لجنة مناقشة رسالة دكتوراه أخرى، فى جامعة الزقازيق، لباحثة عربية، من دولة البحرين، وهى خولة الشامي، المسئولة عن مكتب الشكاوى لرئيس وزراء دولة البحرين، والتى اختارت موضوع بحثها عن التشريعات المنظمة للجرائم المستحدثة فى مواقع التواصل الاجتماعي، مع عقد دراسة مقارنة بين التشريع المصرى والبحريني. تكونت لجنة المناقشة من الأستاذة الدكتورة همت السقا أستاذ الإعلام والعلاقات العامة بجامعة الزقازيق، والأستاذة الدكتورة نيرمين الأزرق أستاذ الصحافة بكلية الإعلام بجامعة القاهرة، وكاتب السطور اللواء دكتور سمير فرج. قبيل موعد المناقشة، التقيت السيد الأستاذ الدكتور خالد الدرندلى رئيس جامعة الزقازيق، والأستاذ الدكتور عاطف حسين نائب رئيس الجامعة، وعلمت منهما أن جامعة الزقازيق يدرس بها، حالياً، 200 ألف طالب، منهم ما يزيد على خمسة آلاف طالب، من 12 دولة عربية. كما علمت أن أعداد الدارسين العرب، بالشهادات العليا؛ الدكتوراه والماجستير، قد تضاعف عدة مرات خلال السنوات الثلاث الماضية،مثلها كباقى الجامعات المصرية،صاحبة الريادة فى تخريج طلاب على درجات عالية من الكفاءة العلمية. عودة لموضوع الرسالة، ناقشت الباحثة التشريعات والقوانين المنظمة للتصدى لتلك الجرائم، سواء التشريعات البحرينية أو المصرية، وختمت رسالتها بعدد من التوصيات المهمة للكافة، فى وقت يتطلب تكاتف الجهود للسيطرة على الآثار السلبية لذلك الدخيل على حياتنا اليومية،المعروف بوسائل التواصل الاجتماعي، بعدما انحرفت عن مُسامها، وصارت وسيلة لتغييب الوعي، وهدم كل التقاليد والأعراف المجتمعية، خاصة بين فئات الشباب، بغرض إفقادهم الهوية وبالتالى الانتماء. والحقيقة أننى استمتعت، بشدة، بموضوع الرسالة، لاقترابها من واقعنا الحالي، وإطلاقها جرس إنذار لما يُفرض على مجتمعاتنا العربية من تقاليد جديدة، سواء على الصعيد التحررى أو المتطرف دينياً، فقد صارت منصات التواصل الاجتماعى مشكلة تعانيها كل دول العالم، وليست بلداننا العربية فحسب.

استعرضت الباحثة خولة الشامى أبعاد الثورة المعلوماتية، التى نعيشها فى العصر الحديث،وما تمثله المواقع الإلكترونية ووسائل الاتصال الاجتماعى من أدوات لها، استطاعت أن تتجاوز حدود الزمان والمكان، ووصلت لكل المجتمعات والأسر، فى جميع بقاع العالم. ومع الزيادة المتنامية لمستخدمى الإنترنت، واستحداث الوسائل الميسرة لاستخدامها، من خلال الهواتف المحمولة، بتكلفة بسيطة نسبيا، ظهرت مجموعة من المخاطر، التى أثرت على الأسر والمجتمعات العربية، خاصة فئة الشباب، منها نشر أفكار غريبة كمحاولات لتغيير الهوية المجتمعية، واستخدام منصات التواصل الاجتماعى لأغراض التشهير والسرقة والاحتيال وانتهاك الخصوصية، والتأثير على الرأى العام ومحاولات فرض الأفكار المتطرفة سواء دينياً أو سياسياً أو اجتماعياً.

أمام تلك الآثار الهدامة، انتبه العديد من دول العالم لضرورة وجود تشريعات وقوانين للتصدى لتلك الجرائم المستحدثة، ولعل الولايات المتحدة الأمريكية كانت من أوائل الدول التى أصدرت مثل هذه التشريعات. ورغم مقاومة بعض الدول الغربية لإصدار مثل تلك التشريعات، بدعوى تعارضها مع الحريات الشخصية، فإن معاناة مواطنيها من تفشى استخدام وسائل التواصل الاجتماعى فى أعمال العنف والسرقة، فضلاً عن استغلال الجماعات الإرهابية هذه المنصات فى الحصول على معلومات لاستهداف تلك الدول، أدرك الجميع أهمية إصدار تشريعات وقوانين جديدة، تتناسب ومستجدات العصر الذى نعيش فيه، فظهرت فكرة إنشاء محاكم متخصصة، للفصل فى مثل تلك الجرائم، كل وفقاً للتشريعات الملائمة لقيم ومبادئ مجتمعه. أكدت الباحثة، كذلك، ضرورة تعاون أجهزة أمن الإنترنت، فى الدول المتقدمة،مع نظيراتها فى مختلف دول العالم، من خلال اتفاقيات ومعاهدات مبرمة،للمساعدة فى التصدى لأعمال القرصنة المعلوماتية، التى يتبعها البعض لاختراق أنظمة معلومات الدول، من خلال التجسس على المنظمات والهيئات، ليس العسكرية فقط، بل يمتد لكل مؤسسات الدولة، سواء الاقتصادية أو التجارية أوالصناعية أو الخدمية. كما يتعين على تلك الأجهزة المساعدة فى تتبع المواقع التى تستهدف دولاً معينة، وتطلق مواقعها من دول أخرى، بعدما طالت تلك المواقع من قيم كل المجتمعات، باختلاف معتقداتها وتقاليدها، فانتشرت المواقع الإباحية، وانتشرت الصفحات الدينية المتطرفة، والمنصات الداعية لحرية تخالف التقاليد والأعراف، ومنصات تخصصت فى الابتزاز، خاصة للشباب، وفى أعمال النصب والاحتيال، وغير ذلك من الأمثلة ...وبين هذا وذاك، تاهت الحقائق، وأوشكت الهوية على الضياع. وبعد ساعات من المناقشة، أجازت اللجنة حصول الباحثة خولة الشامى على درجة الدكتوراه، لما وجدته فى رسالتها من قوة فى دراسة التشريعات فى مصر والبحرين وعقد مقارنة بينها، ومن منهجية علمية فى اقتراح وسائل وسبل التصدى لمثل تلك الجرائم المستحدثة، والغريبة على مجتمعاتنا، وذلك بالاستفادة مما وصلت إليه كل دولة فى هذا المجال.وخرجت من جامعة الزقازيق، بعدما قدمت كل التحية والتقدير لرئيسها، ونوابه، والسادة أعضاء هيئة التدريس، والأستاذ الدكتور هانى حلمى السيد،عميد كلية التربية والإعلام، على ما يولونه لكل الدارسين، خاصة الوافدين منهم، من اهتمام لكى تعود لمصر مكانتها، مرة أخرى، كمنارة العلم للدول العربية.



Email: sfarag.media@outlook.com