العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

وبعد مناقشة الباحث العقيد نايف محمد حمدان لعدة ساعات، متواصلة، أجازت لجنة المناقشة حصوله على درجة الدكتوراه، بتقدير امتياز.

عندما تعود الريادة للجامعات المصرية (1)
 

لواء د. سمير فرج

 27 إبريل 2023


أتشرف، دوما، بدعوتى، من الجامعات المصرية، لرئاسة، أو عضوية لجان مناقشة رسائل الدكتوراه والماجستير، خاصة عندما تدور حول موضوعات الأمن القومى أو الإعلام أو حروب الجيل الرابع والخامس. وقد يظن البعض أن الباحث المُتقدم للحصول على الدرجة العليا فى مجال دراسته، هو المستفيد الوحيد من تقييم أعضاء لجان المناقشة، بينما، فى الحقيقة، أننا نستفيد، كذلك، مما يطرحه الباحث، لأنه أمضى على الأقل من ثلاث إلى خمس سنوات، فى القراءة، والاطلاع، والبحث، والتحليل، وصولاً إلى وضع رسالته العلمية بين أيدينا، بما تحتويه من مادة علمية، شاملة للكثير من المعلومات الحديثة، التى استنبطها من عالم سريع الخطى، ملىء بالمتغيرات. لذا أعتبر مشاركتى فى لجان المناقشة، إضافة جديدة، ومصدراً لتجديد معلوماتي.

وفى الشهر الماضى، تشرفت بالاشتراك فى لجنتين لمناقشة باحثين، للحصول على درجة الدكتوراه، واللذين تصادف أنهما من دولتين عربيتين؛ كانت الأولى فى كلية الإعلام، بجامعة عين شمس، للدارس الكويتى عقيد نايف محمد حمدان، وكان موضوعها عن علاقة الشباب الكويتى بصفحات مؤسسات الجيش والشرطة على مواقع التواصل الاجتماعى، وانعكاسه على الوعى الأمني. وتشكلت لجنة المناقشة برئاسة الأستاذة الدكتورة هبة شاهين عميد كلية الإعلام بجامعة عين شمس، والدكتورة مى حمزة الأستاذ المساعد، وكاتب هذه السطور.ولعل أبرز ما أسعدنى فى تلك الرسالة، أنها ابتعدت عن الموضوعات النمطية، والمكررة، التى قد يُمنح الباحث الدرجة العلمية عن جهده العلمى فى جمع معلوماتها، وانضباطه المنهجى فى تحليلها، إلا أن الحال ينتهى بها على أرفف المكتبات، دونما استفادة حقيقية من محتواها.

أما تلك الرسالة، التى نحن بصددها، فقد تعرضت للأوضاع الحالية، التى تمر بها كل الدول والشعوب فى العالم العربى،وناقشت موضوع الساعة، وهو حروب الجيل الرابع والخامس، التى تعانى دول المنطقة العربية وطأتها. وعندما عرض الباحث نوعية القضايا الأمنية التى يتعرض لها المجتمع الكويتى، من خلال وسائل التواصل الاجتماعى، وجدتها نفس القضايا الأمنية الموجودة داخل المجتمع المصرى، من ذلك الدخيل على مجتمعاتنا، المعروف بوسائل التواصل الاجتماعي.فكانت فرصة لنا جميعاًلدراسة التجربة الكويتية، والنقاش، مع الباحث الكويتى،حول أوجه التشابه والاختلاف، بين الكويت ومصر، فى استخدامات وسائل التواصل الاجتماعى، لنؤكد أهمية وجود استراتيجية جديدة، لتوعية أفراد المجتمع، خاصة فئة الشباب، من ذلك الهجوم الشرس الذى يتعرضون له من جميع تطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعى، وعلى رأسها فيسبوك وتويتر وتيك توك وإنستجرام، وغيرها.

لقد صارت الحرب الحديثة، فى يومنا هذا، المعروفة باسم حروب الجيل الرابع والخامس، لاتعتمد على دبابة ضد دبابة، أو مدفع ضد مدفع، بل صارت أكثر شراسة، وخبثاً، إذ أصبحت القذائف موجهة ضد أفكار ومفاهيم الشعوب، لتشويشها، بتصدير أفكار متطرفة؛ سواء فى الاتجاه الدينى، أو التحررى، وكلاهما بعيد كل البعد عن تعاليم الأديان الوسطية،وقيم وعادات وتقاليد مجتمعاتنا، مستهدفة بذلك تفكيك المجتمعات، وإفقادها الهوية، وقتل روح الانتماء. كما أنها تدفع الشباب لفقد الثقة فى دولته وإدارتها وحكومتها ومؤسساتها، بترويج شائعات وأخبار كاذبة، لإحداث الوقيعة بين الشباب والجيش والشرطة، فى البلاد التى يتصدى فيها الجيش والشرطة لتوفير الأمن والأمان والحماية. وقد تعرضت تلك الدراسة إلى دور الإعلام الأمنى فى توعية الجمهور، وضرورة إيجاد أساليب حديثة للتصدى للشائعات التى هدفها تدمير الدولة، من خلال التأثير على أفكار ومفاهيم الشباب، والشباب، ومرة أخرى الشباب!

وبعد مناقشة الباحث العقيد نايف محمد حمدان لعدة ساعات، متواصلة، أجازت لجنة المناقشة حصوله على درجة الدكتوراه، بتقدير امتياز،ليعود إلى بلاده، حاملاً درجته الدراسية العليا، التى حصل عليها من جامعة عين شمس المصرية، أحد أعرق الجامعات فى منطقتنا العربية، والتى نفخر بأنها كانت ومازالت منارة للعلم، ومقصداً لطالبيه، من شتى الدول العربية. وسوف أعرض فى مقالى القادم، لتجربة مماثلة، فى جامعة الزقازيق،لباحثة أخرى من دولة البحرين.ولذا أقول مرحباً بكل ضيوف مصر من الدارسين العرب، فى الجامعات المصرية، وأذكر فى محاضرة لى فى جامعة الإسكندرية، صرح آخر من الصروح العلمية الشامخة فى مصر، أن أخبرنى الأستاذ الدكتور عبدالعزيز قنصوة، رئيس الجامعة، أن جامعة الإسكندرية يدرس بها، الآن، 12 ألف طالب عربى، من مختلف الدول العربية، إيماناً منهم بفخر الدراسة فى الجامعات المصرية. وفى نهاية اليوم، عند مغادرتى لمبنى كلية الآداب، بجامعة عين شمس العريقة، تذكرت أياما طويلة أمضيتها فيها، بعدما التحقت بها، وحصلت على ليسانس التاريخ، وأنا ضابط بالقوات المسلحة المصرية. وعدت لأجمل الذكريات التى عشتها فى ذلك المبنى، وأنا أحضر المحاضرات والمناقشات مع أساتذتى الأفاضل الدكتور نوار رئيس قسم التاريخ، والأستاذة العظيمة الراحلة الدكتورة سعاد الصحن، التى درست لنا الجغرافيا السياسية، والتى أدين لها بالفضل لكثير مما تعلمته، فلا أنسى كيفية رسم خريطة العالم بأسلوب المربعات، وغيرهم الكثير من الأساتذة المحترمين، الذين لا تكفى السطور لحصر أسمائهم، وتفنيد أفضالهم.

إن مصر بلد عظيم فعلاً، وليس قولاً فحسب، بأياديها البيضاء على الجميع عبر التاريخ، فمنها أشرق نور الحضارة والعلم،وفيها تأسست جامعة أون، منذ أكثر من 5000 سنة مضت، كأول جامعة عرفها العالم، وستظل مصر منارة للعلم لكل العالم العربى.



Email: sfarag.media@outlook.com