العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

وفى ظنى أن نجاح مصر فى تنظيم وإدارة قمة المناخ، سيضعها فى مصاف الدول الأولى لتمثيل أفريقيا فى العضوية الدائمة لمجلس الأمن.

مكاسب مصر من قمة المناخ
 

لواء د. سمير فرج

 17 نوفمبر 2022


على أرض شرم الشيخ حققت مصر انتصارا جديدا، فى العصر الحديث، بنجاحها فى استضافة وتنظيم أكبر المؤتمرات العالمية، وهو قمة المناخ COP27، ممثلة لقارة أفريقيا، هذا النجاح العالمى سيعطى مصر دفعة كبيرة فى المجتمع الدولى، خاصة فى الفترة القادمة، عندما تبدأ الأمم المتحدة، فى العام القادم، فى تطوير أنظمتها التى لم تتطور منذ إنشائها عقب الحرب العالمية الثانية عام 1945، خاصة فى تشكيل مجلس الأمن، المكون من خمسة أعضاء دائمين، لهم حق الفيتو، وهم؛ أمريكا، وروسيا، والصين، وإنجلترا، وفرنسا، ثم أعضاء غير دائمين، يتم تغييرهم سنوياً، إذ من المنتظر، فى العام القادم، إضافة أربع دول ممثلين لقارة أمريكا الجنوبية، وأفريقيا، وآسيا، وجنوب غرب آسيا، فى مجلس الأمن.

وفى ظنى أن نجاح مصر فى تنظيم وإدارة قمة المناخ، سيضعها فى مصاف الدول الأولى لتمثيل أفريقيا فى العضوية الدائمة لمجلس الأمن، أما المكسب الثانى فهو السمعة الطيبة التى حققتها مصر، خلال أسبوعين، فى كل وسائل الإعلام العالمية، والتى أثبتت أن مصر بلد آمن ومستقر، تدعو السياح من كل أنحاء العالم لزيارتها، وتفتح أبوابها للمستثمرين لضخ أموالهم فى هذه البلد المستقر، كذلك جاء هذا المؤتمر ليؤكد نجاح مصر فى القضاء على الإرهاب وأن البلد يعيش حالياً فترة آمنة مستقرة بفضل شعبه وجيشه وشرطته.

أما عن الاستفادة المادية، فيجب أن نوضح أن الأمم المتحدة تقدم منحة للدولة المُضيفة مقدارها مليار ومائة مليون دولار، يتم تخصيصها لتطوير البنية الأساسية للمدينة التى ستشهد فعاليات القمة، وهو ما يعد مكسباً مهما لمدينة شرم الشيخ، سينعكس على مستوى الحياة بها، وبالتالى على قطاع السياحة. أما النجاح الأهم، فتمثل فى فوز الملف المصرى،منصة مشروع «نوّفى»، الذى قدمته وزارة التعاون الدولى، بالشراكة مع البنك الأوروبى، بأفضل مشروع من بين 48 دولة تقدمت للمنافسة على هذه المبادرات، حيث اشتمل هذا الملف على دراسات جدوى فى ثلاثة قطاعات هى، المياه، الغذاء، الطاقة، فى إطار تنفيذ تسعة مشروعات. ويحسب للوزيرة المتميزة، الدكتورة رانيا المشاط، نجاحها فى إعداد دراسات الجدوى متكاملة، من خلال مكاتب عالمية، ضمنت موافقة الأمم المتحدة على تمويل هذا المشروع، بقيمة 10 مليارات و300 مليون دولار، من خلال ثلاثة أساليب، إما منحة مالية مباشرة، أو من خلال تمويل ميسر على سنوات طويلة بفائدة قليلة، أو الأسلوب الثالث من خلال مبادلة ديون مصر للخارج.

وعلى الصعيد السياسى الدولى، استفادت مصر من حضور عدد من زعماء العالم للمشاركة فى قمة المناخ، ومنهم الرئيس الأمريكى، جو بايدن، والسيدة نانسى بيلوسى، رئيسة الكونجرس الأمريكى. ولعل وصف الرئيس جو بايدن لمصر بأنها أم الدنيا كان له بالغ الأثر على نفوس المصريين، وهى الكلمة التى أكد فيها، الرئيس الأمريكى، قوة ومتانة العلاقات الثنائية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، كما أكد أن الولايات المتحدة تعتبر مصر صديقاً وحليفاً، فى هذه المنطقة، لما تتمتع به من ثقل سياسى، وما تلعبه من دور متزن. والحقيقة أن صدور مثل تلك التصريحات من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، يكون لها أصداء إيجابية واسعة فى المجتمع الدولى، لتؤكد عظمة وقوة مصر.

كما أعلن الرئيس الأمريكى خطة جديدة، بقيمة 500 مليون دولار،لتمويل خطة مصر للتحول إلى الطاقة النظيفة، بزيادة قدرات إضافية تصل إلى 10 جيجاوات من الطاقة النظيفة، وبالتالى زيادة قدراتها على تصدير طاقة كهربائية إلى الخارج. ولمن يعى ما بين السطور، فإن تلك الخطة التمويلية تستهدف دعم الاقتصاد المصرى، بالأساس. كما أثنى جو بايدن على الكلمة الافتتاحية للسيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، التى طالب فيها بوقف الحرب الروسية الأوكرانية، وعن استعداده للتعاون مع كل الجهات لوقف تلك الحرب، التى انعكست آثارها على العالم بأسره.

وفيما يخص ملف حقوق الإنسان، فقد أبدى جو بايدن ثقته فيما عرضه الرئيس السيسى، بأن مصر أطلقت استراتيجية جديدة لحقوق الإنسان، وأطلقت مبادرة الحوار الوطنى، وأسست لجنة العفو الرئاسى، مؤكداً اطمئنانه لما ستسفر عنه خطة الرئيس السيسى فى هذا الشأن. وهنا يجب أن نُلفت الانتباه إلى التغير فى موقف الإدارة الأمريكية،الذى كان يعتمد، فى السابق، على الضغط، بفرض عقوبات، مثل تجميد جزء من المعونة العسكرية، وهو ما لم يحدث اليوم، وكان له صدى كبير من المجتمع الدولي.وخلال اللقاء، أكد الرئيس السيسى تمسك مصر بحقها فى الأمن المائى، كما أكد مواصلة الجهود فى التصدى للإرهاب، وهو ما أثنى عليه الرئيس بايدن، مؤكداً أن مصر شريك مركزى لأمريكا فى هذا الملف. كذلك أكد الرئيس السيسى موقف مصر الثابت من القضية الفلسطينية. أما زيارة نانسى بيلوسى، رئيسة الكونجرس الأمريكى، والشخصية الثالثة فى هرم القيادة الأمريكية، فتنبع أهميتها مما تعكسه من دعم أمريكا لمصر، خاصة أن الكونجرس هو المسئول عن التصديق على كل مطالب مصر من أمريكا.

وفى النهاية نؤكد أن نجاح مصر فى تنظيم ذلك المؤتمر، بتلك الحرفية العالية، التى يتميز بها رجالها فى كل المجالات، ما هو إلا بداية لنجاحات سنشهدها خلال العام القادم، الذى تترأس فيه مصر القمة، ولحين تسليم الرئاسة لدولة الإمارات الشقيقة فى COP28.



Email: sfarag.media@outlook.com