العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

ولكنني حزنت، هذا العام، وأنا أنظر لذلك الساحل المصري الرائع الجميل، ومياهه التي لا يضاهي نقاءها مياه أخرى، ولا يستغل لأكثر من ثلاث أو أربع أسابيع، في المتوسط، في كل عام، بينما يبقى باقي شهور العام، في صورة غابات خرسانية مغلقة، لا تعود لها الحياة إلا في موسم الصيف التالي، رغم إمكانية استغلالها على مدار العام، لاستضافة السياحة الأوروبية المتعطشة لأشعة الشمس، التي وهبها الله لمصر بها طوال العام.

عودة من الساحل الشمالي
 

لواء د. سمير فرج

 29 أغسطس 2020


عدت، بعد إجازة بضعة أيام، من الساحل الشمالي، في مصر، أجمل سواحل منطقة البحر المتوسط والعالم كله … لقد عشت في تركيا لمدة ثلاث سنوات كملحق عسكري لمصر بعاصمتها أنقرة، لاحظت خلالهم تباهي تركيا بساحل أنطاليا، الممتد لمسافة 400 كم، على شاطئ البحر المتوسط، امتداد للسواحل المصرية بعد العريش، ثم غزة، ثم إسرائيل، ولبنان وسوريا، يليهم ساحل أنطاليا في تركيا، الذي يدر عائداً سنوياً، 18 مليار دولار أمريكي، من السياحة، قبل تفشي وباء كورونا، بالطبع، إذ يضم أجمل المدن والمنتجعات السياحية مثل أنطاليا ومارماريز وبودروم وغيرهم، وكلها منتجعات سياحية رائعة في الحقيقة.

لكن هل تعلم عزيزي القارئ أن كل هذه المنتجعات على البحر المتوسط لا يتمكن السائح فيها من نزول مياه البحر المتوسط، لأن أرضيتها كلها صخور جبلية، ومياهها داكنة، شبه سوداء، لذا تعتمد كل منتجعات ساحل أنطاليا التركي على حمامات السباحة. ولتعويض السائح عن تلك النقيصة، فقد تميزت منتجعات أنطاليا بنوعية خدماتها، ارتفاع مستوياتها؛ فهناك مجموعة من المنتجعات للسياح من الدول الإسكندنافية، تجد العاملين بها، يجيدون لغات تلك الدول، ويقدمون كل التسهيلات والامتيازات لسياح هذه الدول. ولكن أين مياه البحر الزرقاء على الساحل الشمالي المصري، أين جمال الرمال البيضاء، وأين الشمس الساطعة الجميلة طوال العام، التي لا تجد مثيلها في منتجعات ساحل أنطاليا في تركيا.

ولكنني حزنت، هذا العام، وأنا أنظر لذلك الساحل المصري الرائع الجميل، ومياهه التي لا يضاهي نقاءها مياه أخرى، ولا يستغل لأكثر من ثلاث أو أربع أسابيع، في المتوسط، في كل عام، بينما يبقى باقي شهور العام، في صورة غابات خرسانية مغلقة، لا تعود لها الحياة إلا في موسم الصيف التالي، رغم إمكانية استغلالها على مدار العام، لاستضافة السياحة الأوروبية المتعطشة لأشعة الشمس، التي وهبها الله لمصر بها طوال العام.

وبعد عقود من سوء استغلال الساحل الشمالي المصري، أصدر السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، في العام الماضي، قرار سيادته بإيقاف بناء القري السياحية المصرية، على الساحل الشمالي، والتركيز على بناء المنتجعات لاستقبال السياحة الداخلية، والخارجية، خاصة في ظل توفر البنية الأساسية والخدمات، سواء الطرق أو المطارات التي تستقبل السياح من كل مكان. صدقوني لن تجدوا ساحل على البحر المتوسط يضاهي منطقة العلمين، ورأس الحكمة، وباغوش، ومطروح، بطول الساحل الشمالي، حتى هضبة السلوم، التي حلم عمر الشريف، يوماً، بإقامة أكبر منتجع سياحي عليها، مزود بكل الخدمات ووسائل الترفيه الجاذبة للأجانب … إن الساحل الشمالي يتمتع بكافة الإمكانات والمقومات التي تؤهله ليكون مصدراً للدخل القومي المصري



Email: sfarag.media@outlook.com