العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

وتضم هذه المراكز الثلاثة مجمع استوديوهات يضم ١٦ استوديو متكامل، عبارة عن ١٢ استديو فردي بكاميرا واحدة، “وخلفية حية”، واستديو آخر بمساحة ٢٣٠ متر مربع، و٣ أستوديوهات بإطلالة بانورامية، لنقل نبض الشارع.

عندما يكون العلم والخبرة أساس النجاح
 

لواء د. سمير فرج

 16 أغسطس 2019


إيماني المطلق، طوال حياتي، أن العلم ومعرفة ما وصل إليه الآخرون، من تقدم وتطور، هما الأساس في تطوير ونهضة أي عمل في مجال جديد، ومن هذا المنطلق وفور تعييني مديراً للشئون المعنوية، بالقوات المسلحة المصرية، وهي الإدارة المسئولة، من ضمن مسئولياتها، عن الإعلام العسكري، فقد حددت موعداً، في الأسبوع التالي لتولي المسئولية، مع أستاذي الجليل، رحمه الله، الدكتور فاروق أبو زيد، عميد كلية الإعلام، بجامعة القاهرة، لأسجل معه رسالتي، لنيل درجة الدكتوراه، تحت عنوان “دور الإعلام في تحقيق الأمن القومي المصري”.

وبعدها عندما عُينت رئيساً لدار الأوبرا المصرية، اتصلت، هاتفياً، بصديقي العزيز الدكتور فوزي فهمي، رئيس أكاديمية الفنون، أعظم الصروح الثقافية في الشرق الأوسط، وطلبت منه أن يُعد لي برنامجاً مكثفاً، لمدة ثلاثة أشهر، أتلقى خلاله دروساً في مفاهيم الكليات التابعة للأكاديمية في البالية، والكونسرفتوار، والموسيقي العربية، والنقد الموسيقي، وغيرهم من الموضوعات ذات الصلة.

وأتذكر أنني عندما قررت إنشاء أول مركز إعلامي عسكري في الشرق الأوسط، أني طلبت من السيد وزير الدفاع، آنذاك، المشير طنطاوي، بالسماح لي بزيارة المراكز الإعلامية في الخارج، للتعرف على أحدث تجاربهم، والاستفادة مما يلائمنا منها، فقضيت ثلاثة أيام في المركز الإعلامي العسكري للبنتاجون، في العاصمة الأمريكية واشنطن، إضافة لزيارة المركز الإعلامي لوزارة الخارجية الأمريكية، بعدها سافرت إلى ألمانيا لزيارة المركز الإعلامي العسكري الأمريكي، في مسرح عمليات غرب أوروبا، قبل أن أعود إلى مصر للبدء في إنشاء هذا المركز بناءً على أحدث تكنولوجيا العصر، ومن حيث انتهى الآخرون.

وعندما تم تكليفي، بإعداد وتجهيز متحدث عسكري، للقوات المسلحة المصرية، شرعت، على الفور، في دراسة هذا المفهوم، على مستوى جيوش العالم، وعلمت حينها واحدة من أغرب المعلومات، وهي أن إسرائيل لديها ثلاث متحدثين عسكريين لجيشها؛ الأول يتحدث العربية بطلاقة، ويقوم بإعداد الخبر، وصياغته، طبقاً للعقلية العربية، والمتحدث الثاني للمواطن الإسرائيلي، ويخاطبهم بأسلوب الترهيب من الخطر القادم من الفلسطينيين، بما يلزم معه اتحاد جميع قوى الشعب، بما يناسب العقلية والشخصية الإسرائيلية، أما المتحدث العسكري الثالث للجيش الإسرائيلي، فهو المسئول عن مخاطبة مختلف دول العالم، فتجده يُجيد تحدث جميع اللغات بطلاقة، ويقترب من هذه الشعوب باستخدام مبدأ “اللعب على الوتر الحساس” كما يقال، زاعماً أن الشعب الإسرائيلي مضطهد من جيرانه العرب، وأن كل ما يقوم به الجيش الإسرائيلي ليس إلا دفاعاً عن المواطن الإسرائيلي. لذلك فكلما تعمقت في الدراسة، تحصل على معلومات جديدة ومفيدة، تساعدك في تحقيق ما تصبو إليه من تطوير ونهضة.

وخلال الأيام القليلة الماضية، فاجأني صديقي الإعلامي أسامة هيكل، وزير الإعلام الأسبق، ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامي المصرية، بدعوتي لزيارة مراكز الخدمات الإعلامية الجديدة، التي قام بتأسيسها، وافتتاحها، مؤخراً في ثلاث مناطق؛ مركز بمنطقة العجوزة يضم أربعة طوابق وهو الذي يمثل المركز الرئيسي، ثم المركز الثاني بمنطقة جاردن سيتي، والمركز الثالث في ماسبيرو بإطلالة نيلية مميزة، وهذه المراكز تقدم، لأول مرة، في مصر الخدمة للمراسلين الأجانب، العاملين في مصر، لإعداد وإرسال تقاريرهم الإعلامية عن مصر، أو تقديم المناظرات العلمية الإعلامية عن حدث معين. وحقيقي لقد استفاد الوزير أسامة هيكل بكل تكنولوجيا العصر الحديث، وخبراته السابقة في وزارة الاعلام، حيث اجتمع في البداية بكل المراسلين الأجانب واستمع إلى مطالبهم من مصر، وكان أولها مكان البث، الذي يعكس صورة مصر والقاهرة، فكان اختيار الأماكن أكثر من متميز، فهناك خلفية لنهر النيل العظيم، والثاني خلفية برج القاهرة والأوبرا المصرية، والثالث خلفية مبنى ماسبيرو، فخرجت الاستوديوهات الثلاثة معبرة تماماً عن روح مصر.

كما بادر بتلبية المطلب الثاني، وهو توفير أحدث تقنيات العصر وتكنولوجيا المعلومات، سواء في الكاميرات، وماكينات المونتاج المرئي والصوتي، بما يساهم في إعطاء المشاهد صورة متميزة، خاصة كاميرات وأنظمة HD وSD الحديثة، ووحدات تشغيل أشرطة متعددة الأنظمة، وكل ذلك متصل بالأقمار الصناعية بالفضاء، وليس القمر المصري فقط.

وتضم هذه المراكز الثلاثة مجمع استوديوهات يضم ١٦ استوديو متكامل، عبارة عن ١٢ استديو فردي بكاميرا واحدة، “وخلفية حية”، واستديو آخر بمساحة ٢٣٠ متر مربع، و٣ أستوديوهات بإطلالة بانورامية، لنقل نبض الشارع، مع تجهيزات متقدمة من كاميرات بتقنية 4K، وكرين، وأنظمة إضاءة متنوعة لجميع الأغراض، فيما تحتوى الاستوديوهات على وحدات جرافيك، وغرف أخبار، كما أن كل مقر مجهز بقاعة استقبال وصالون وغرف اجتماعات جميعها مغطاة بخدمة “واي فاي”، كل ذلك من خلال نظام يعمل بالحاسبات الآلية الحديثة جداً، توضح توقيتات حجز وإرسال التقارير، وأنواع الأقمار الصناعية المستخدمة ومدى إمكانية اشتراك أكثر من ضيف، من أكثر من دولة في وقت واحد، بالإضافة إلى خدمات عدة يوفرها المركز على مدار الساعة، بينها مكتب حجز البث الفضائي، وفريق إعداد أخبار متعدد اللغات، وتحقق هذه المراكز الحديثة تيسيراً لعمل المراسلين الأجانب، لتسهيل عملية البث المباشر والبرامجي، بحيث لا يتم إجبار المراسل الأجنبي على الذهاب لمدينة الإنتاج الإعلامي، أو ماسبيرو، وهما الجهتان المنوط بهم البث.

وللحق أقول أنه، وللمرة الأولى، يتحقق الحلم بامتلاك مثل هذه المراكز الإعلامية الحديثة، في مصر، التي طالما تمنيتها وأنا أشاهد العالم من حولنا يتطور بين لحظة والأخرى، في حين كنا نعتمد في هذا المجال على بعض الشقق المؤجرة، المجهزة بأجهزة غير حديثة، على الإطلاق، لتنقل أخبار مصر. وبالفعل بدأ العمل داخل استوديوهات هذه المراكز الحديثة وعلمت أن مع بداية الافتتاح للمركز حجزت خمس محطات أجنبية استوديوهات لها بالمركز وهي “سكاي نيوز” و”الحرة” و”بي بي سي” و”المملكة الأردنية”، ووكالة “أسوشيتد برس”.

ومن هنا، أوجه كل الشكر والتقدير والامتنان للإعلامي الكبير أسامة هيكل، ومجموعة العمل الرائعة التي خططت وأنشأت هذا المركز المتميز، ليكون عنواناً مشرفاً لنهضة مصر الإعلامية الحديثة.



Email: sfarag.media@outlook.com