العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

فاستأذنت فى تناول ذلك المشروع العظيم، فى مقالى هذا، لما يمثله من تحقيق لحلم امتد لعشرات السنين، أن نتصل بقلب افريقيا بطريق بري، بما يفتح مجالات خصبة، وآمنة، للتجارة مع معظم دول القارة السمراء.

من بورسعيد إلى بورسودان
 

لواء د. سمير فرج

 9 مايو 2019


تناولت فى الأسبوع الماضي، فى نفس هذا المكان، بعض إنجازات الهيئة الهندسية، فى مقال بعنوان الهيئة الهندسية ولسه الأمانى ممكنة، استعرضت خلاله الإنجاز الضخم للهيئة، بإقامة كوبرى تحيا مصر، روض الفرج، الذى سُجل فى موسوعة جينيس للأرقام القياسية، كأعرض كوبرى معلق فى العالم، والإنجاز الثانى فى مد كوبرى أكتوبر ليصل للتجمع الخامس، محققا سيولة مرورية، فى منطقة اعتادت على الاختناق المروري، خاصة فى أوقات الذروة، وتحدثت، أيضا، عن التعديلات والتوسعات التى شهدها مدخل مدينة القاهرة من السويس.

والحقيقة أننى تلقيت العديد من التعليقات، بعد ذلك المقال، كان منها تعليق الدكتورة ماجى الحلواني، عميد كلية الأعلام الأسبق، بجامعة القاهرة، وأستاذتى ضمن لجنة مناقشة رسالتى للدكتوراه، عاتبنى فيه على إغفالي، عن غير عمد، لعدد كبير من الإنجازات الأخرى، مثل طريق الجلالة، وطريق القاهرة- بنها الحر، والأنفاق الخمسة على قناة السويس، وغيرهما الكثير... وهو ما لا يمكن حصره، والثناء عليه فى مقال واحد.

وخلال هذا الاسبوع كنت فى مدينتى الحبيبة، بورسعيد، فشاهدت لافتة كبيرة، معلقة على مدخل المدينة، مكتوبا عليها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة ـبداية طريق بورسعيد إلى بورسودان... فتعجبت فى نفسى عن كيف يكون ذلك؟! فمدينة بورسعيد عبارة عن جزيرة، يحدها من الشرق قناة السويس، متصلةً بقارة آسيا، بورفؤاد، من خلال معدية قناة السويس، ويحدها من الغرب كوبرى الجميل عابرا فوق بحيرة المنزلة، إلى الدلتا ومدينة دمياط، ومن الجنوب كوبرى الرسوة، العابر من بورسعيد إلى مدن القناة، لذلك عندما قام العدوان الثلاثى على مدينة بورسعيد، قام الإنجليز بتدمير كوبرى الجميل والرسوة، وإنزال المظلات البريطانية فى تلك المناطق، فتم، بذلك، عزل مدينة بورسعيد عن مصر... إذن كيف يكون هذا الطريق الذى تشير إليه اللافتة؟! اتصلت، على الفور، باللواء أمير سيد أحمد، مساعد السيد رئيس الجمهورية للبنية التحتية، لأستوضح منه، فأكد لى أن الهيئة الهندسية تشرف، حالياً، على إنشاء طريق جديد، تنفذه شركات القطاع الخاص المصري، بطول 495 كم، يبدأ من بورسعيد، وصولاً إلى شرق القناة، فى مدينة شرم الشيخ... أكرر شرق القناة... فى سيناء الحبيبة.

ثم المحور الثاني، ويبدأ، كذلك، من بورسعيد إلى طريق الإسماعيلية الصحراوي، عابرا إلى طريق السويس، وإلى طريق السخنة، ثم طريق الجلالة الجديد، وصولاً إلى الزعفرانة بطول 320 كم، ويمتد منها، فى طريق جديد، إلى الغردقة، وسفاجا، ومرسى علم، ثم حلايب وشلاتين، فى طريق، جديد شق معظمه فى الصحراء الشرقية، حتى يصل إلى بورسودان، شرق افريقيا، بدولة السودان الشقيق، ومن المقرر افتتاحه الشهر القادم بمشيئة الله، بالتزامن مع افتتاح أنفاق قناة السويس. ازداد تعجبى بعد ما سمعته من اللواء أمير عن تفاصيل تلك الشبكة الجديدة من الطرق والمحاور، وما أتوقعه لها من آثار إيجابية، على كل المستويات، وهو ما لم يعدو كونه أملاً، فى الماضي، أن يصلنا طريق برى بعمق افريقيا، وخاصةً السودان، ولكن تعجبى هذه المرة، سببه أننا لم نسمع عن ذلك الإنجاز من قبل، فأجابنى اللواء أمير قائلا، أنت تعلم أن السيد الرئيس يكره مصطلحات هنعمل، وهننشىء، وأوامر سيادته، منذ البداية، هو الاحتفال بانتهاء العمل فى المشروع وافتتاحه، ولقد استثنى من ذلك الأنفاق الخمسة على قناة السويس، ليتمكن الشعب من متابعة تنمية سيناء واتصالها بالوطن الأم.

فاستأذنت فى تناول ذلك المشروع العظيم، فى مقالى هذا، لما يمثله من تحقيق لحلم امتد لعشرات السنين، أن نتصل بقلب افريقيا بطريق بري، بما يفتح مجالات خصبة، وآمنة، للتجارة مع معظم دول القارة السمراء، بعد عقود من الاعتماد على ميناء السد العالي، فى تصدير المنتجات المصرية إلى السودان، ومنها إلى باقى دول القارة، وهو ما يواجه الكثير من المعوقات والتحديات، ولكن مع افتتاح هذا الطريق، ستشهد حركة التجارة المتبادلة، مع افريقيا، طفرة منشودة، فستتمكن الشاحنات المصرية، على سبيل المثال، من الوصول إلى بورسودان فى غضون يومين، محملة بالصادرات المصرية، بما يفتح لها أسواقا جديدة، بدلاً من تركزها، حالياً، فى 4 دول افريقية هى كينيا، وجنوب افريقيا، وإثيوبيا، ونيجيريا، لتتمكن، بعد هذا الطريق، من تحقيق انتشار أكبر فى معظم دول القارة، وهى السوق الرحبة المتعطشة للمنتجات المصرية، لجودتها، ولتنافسية أسعارها، مقارنة بالمنتجات الأوروبية. وتتمثل أبرز الصادرات المصرية إلى دول افريقيا في، السكر، والذهب ومصنوعاته، والزيوت العطرية، واللدائن البلاستيك، والورق ومصنوعاته، والزجاج، والسيراميك، والأدوات الكهربائية، والمنسوجات، وكذلك المحاصيل الزراعية نظرا لاختلاف العروة الزراعية، وبالتالي، فمن المتوقع زيادة حجم الصادرات المصرية إلى افريقيا على 4.2 مليار دولار، التى تمثل حجم الصادرات الحالى وفقاً لآخر إحصاءات صادرة فى 2018.

تذكرت اليوم كلمات الدكتورة سعاد الصحن، فى محاضرات الجغرافيا السياسية، وأنا طالب فى كلية الآداب، حين قالت إن الطرق هى شرايين الحياة فى أى دولة، وهكذا سوف تفتح شرايين الحياة بين مصر وافريقيا، بفضل أبناء مصر ورجالها، القائمين على إتمام تلك الطرق والمحاور، تماماً كما شرفوا مصر، هذا الأسبوع، بالانتهاء من تنفيذ مجموعة الأنفاق التى تربط سيناء بالدلتا، والتى افتتحها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، ذلك الحلم القديم الذى تحقق اليوم، ليكون أساس تأمين سيناء وتنميتها، من خلال ربطها بالوادي، فخرجت هذه الأنفاق التى تم تنفيذها أسفل قناة السويس، لتعد الأضخم، على مستوى العالم، من حيث الأطوال والأقطار وحجم الأعمال والخطة الزمنية القياسية، التى تم تنفيذها بسواعد وخبرة مصرية من شركات القطاع الخاص المصري، تحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، التى نأمل أن تستكمل مسيرة المساهمة فى بناء مصر، بقيادة اللواء إيهاب الفار، خلفاً للعظيم الفريق كامل الوزير... لذلك وجب علينا تقديم الشكر والتقدير للشركات المدنية الخاصة التى تنفذ كل تلك المشروعات التنموية العملاقة، ولكل من أشرف على تنفيذها من الهيئة الهندسية للقوات المسلحة.



Email: sfarag.media@outlook.com