العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقال

عدت من الغردقة أردد شعار «أنت الأمل»... وكلمة جديدة تعلمتها، فيها أمل لمصر... نى هاو!

«نى هاو»
 

لواء د. سمير فرج

 8 مارس 2018


انطلقت طائرة مصر للطيران، من مطار القاهرة إلى مطار الغردقة، حاملة على متنها أعضاء حملة «أنت الأمل»... تلك الحملة الشعبية التى انضم إليها الكثير من المتطوعين لتأييد ترشح الرئيس عبدالفتاح السيسى لفترة رئاسية ثانية، لاستكمال ما بدأه من إنجازات، يلمسها القاصى والداني.

الحمد لله... الطائرات، من مختلف الشركات العالمية، تملأ أرض مطار الغردقة، الذى خلا منها لسنوات طويلة... ما أن وصلنا إلى الفندق، حتى بادرت صاحبه، صديقى اللواء على رضا، أحد أكبر المستثمرين المصريين فى محافظة البحر الأحمر، بادرته بسؤال عن انتشار اللغة الصينية على لافتات المحلات سواء التى راقبتها فى طريقى من المطار إلى الفندق، أو حتى تلك الموجودة فى الفندق؟ لقد اعتدنا لسنوات وسنوات على رؤية أحرف اللغة الروسية، مكتوبة على جميع اللافتات... واليوم أرى الصينية تزاحمها. فأجابنى صديقى اللواء على رضا، بأن السياحة الصينية قد وصلت إلى الغردقة، وهو أمل، عملت مختلف الجهات، على تحقيقه منذ فترة، ضمن سياسة تنوع مصادر السياح.

وبنظرة واحدة حولي، تأكدت مما قاله لى صديقي، الفندق يعج بالسياح الصينيين، صوتهم يملأ جنباته وهم يتحدثون بلغتهم المميزة... أصناف الأطعمة، داخل المطعم، مكتوبة باللغة الصينية، بعد العربية ... اصطفوا أمام الطاولات التى تقدم الفول المدمس، والطعمية الساخنة، التى تجهز أمامهم، لنقل جزء من ثقافتنا إليهم... البعض الآخر مستمتع بالسباحة والجلوس تحت أشعة الشمس، غير مصدقين روعة الجو فى مصر فى فصل الشتاء... وسعدت وأنا أطلب فنجاناً من القهوة، فإذا بعامل الفندق يقول لى إنه أبلغ زميله، فى الوردية التالية، بإحضار طلبي، حيث إنه مرتبط الآن بموعد درس اللغة الصينية... وعلمت أن أحد المصريين، الذين درسوا اللغة الصينية، وأجادوها، قد تخصص فى تعليمها للعاملين فى مجال السياحة، فقلت لنفسى «والله يا مصرى أنت ملكش حل»! ومع بداية غروب الشمس، كان موعد المؤتمر الشعبي، فتوجهنا إلى مقر انعقاده فى سرادق أقمناه، بالجهود الشعبية، على أرض فضاء فى مدينة الغردقة، وأعلنا عنه فى محافظة البحر الأحمر، ففوجئت بحضور أكثر من 5000 مواطن، ليسوا من أبناء المحافظة فحسب، وإنما من المحافظات المجاورة... والبعيدة. لقد سمع عن المؤتمر أهالى حلايب وشلاتين، فتجمعوا ,فى أتوبيسات، ووصلوا إلى الغردقة، بعد رحلة استغرقت أكثر من ثلاث ساعات، تعلو وجوههم ابتسامة، وهم يرفعون أعلام مصر، ونساؤهم فى زيهن الوطني، بألوانه الزاهية... رأيت شيوخاً حضروا إلى المؤتمر الشعبي، يمتطون الجمال، حفاظاً على عادات قبائلهم... رأيت شباباً يتوافدون إلى السرادق وهم يغنون الأغانى الوطنية.بدأ المؤتمر بالسلام الجمهوري، فاهتزت أرجاء المكان بأصوات الحضور وهو ينشدونه، ثم يهتفون لمصر فور الانتهاء منه...

صعد المتحدثون إلى المنصة، التى يعلوها صورة الرئيس السيسى وعليها شعار «أنت الأمل»، وكعادات المصريين الأصيلة، فقد رحبوا بضيوفهم بتصفيق حار... سواء الدكتور عباس منصور، رئيس جامعة جنوب الوادي، أو اللواء محمد الغباري، الخبير الاستراتيجي، أو قوى مصر الناعمة متمثلة فى الدكتور مدحت العدل، والفنان محمود قابيل، والفنان أحمد سلامة، والرائعة الدكتورة لميس جابر، وأخيراً وليس آخراً، الشاعر الشاب عبد الله حسن، الذى تفاعل معه الجمهور بشدة، مطالبينه بالمزيد من قصائده، التى لها وقع خاص على قلوبهم وقلوبنا... جاءوا جميعاً إلى الغردقة طوعاً، إيماناً منهم بأهمية المرحلة التى تمر بها مصر، وإصراراً على استكمال مسيرة النجاح، وعدم السماح للمغرضين بالنيل، مرة أخرى، من أمن وطننا. علمت، أثناء المؤتمر الشعبي، أن سيدات حلايب وشلاتين، سيقضين ليلتهن بالغردقة، فطلبت منهن أن ألتقى بعضهن فى صباح اليوم التالي، فاختاروا من بينهن الحاجة فاطمة، وشابتين هما كريمة وإيمان ... كل منهن قصة نجاح فى ذاتها. فالحاجة فاطمة تشرف على مجموعة من سيدات حلايب وشلاتين اللاتى يصنعن يدوياً بعض المنتجات الجلدية التى اشتهرت بها المنطقة، وتقوم بتسويقها لحسابهمن.. أما إيمان فتدرس بأحد المعاهد الأزهرية وتهوى الشعر، وقد أمتعتنا بإلقاء قصيدة من تأليفها...

أما المفاجأة فكانت كريمة، تلك الشابة الثلاثينية، تسمعها تتحدث عن حبها لمصر، وتسمع كلامها عن إنجازات الرئيس، وعن فخرها بالقوات المسلحة المصرية التى تحمى حدودنا، وتسمع منها عن المؤامرات التى تحاك لمصر من قوى خارجية، فتتعجب لذلك الوعى... تسمعها تتحدث عن تراث حلايب وشلاتين من الفنون والحرف اليدوية، وعن روعة تلك المنطقة، فتمتلئ فخراً بوطنيتها وعزتها وكرامتها. لم تطلب طلباً واحداً، ومع إلحاحى للتعرف على مطالبها، لم تطلب لنفسها، وإنما لجميع أهالى المنطقة، طلبت إقامة متحفا للتراث، لتعليم الفتيات، ولتسويق منتجاتهن، والحفاظ على تراث تلك المنطقة، ونقله إلى مناطق أخرى. استمعت، وباقى الضيوف، لحديثها لأكثر من ساعة، أخرج خلالهما الدكتور مدحت العدل أوراقه، ودون عليها الكثير من ملاحظاته عما قالته كريمة... وأخرجت الدكتورة لميس جابر هاتفها، وتحدثت مع معدى أشهر البرامج الحوارية المصرية، تحثهم على استضافة مثل تلك النماذج الإيجابية، والاستماع إلى مطالبهن.

لم يقطع حديثى معهن إلا موعد طائرة العودة إلى القاهرة، فتركتهن على وعد بتجدد اللقاء، وهممت إلى بوابة الفندق، وكان فى لحظتها يستقبل وفداً صينياً جديداً، فأفسحت لهم الطريق، للدخول... ليدخل الخير لمصر. ورأيت ابتسامات السعادة تعلو وجوه عمال الفندق، سعادة حقيقية بعدما حرموا من دخل السياحة لسنوات طويلة، انطفأت خلالها أنوار الفندق، إلا من البعض القليل من الغرف. فهذا يرحب بهم على البوابة بعبارة «نى هاو»... وهذا يقدم عصيراً مثلجاً وهو يردد «نى هاو»... وآخر يحمل الحقائب قائلاً «نى هاو».

عدت من الغردقة أردد شعار «أنت الأمل»... وكلمة جديدة تعلمتها، فيها أمل لمصر... نى هاو!



Email: sfarag.media@outlook.com