العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

علمت أن السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى قد اهتم، شخصياً، بهذا الطرح، واجتمع، على أثره، بالسادة رئيس مجلس الوزراء، ووزير الإسكان، ومستشار الرئيس للتخطيط العمراني، لمناقشة جوانبه وتفاصيله، وفى نهاية الاجتماع، تم اتخاذ قرارات واضحة، من شأنها الحفاظ على باقى الشريط الساحلى الشمالي، ووضع استراتيجية لاستغلاله بطريقة مثلي.

عندما تستجيب الدولة
 

لواء د. سمير فرج

 14 سبتمبر 2017


بدأت كتابة مقالات أسبوعية، فى جريدة الأهرام الغراء، منذ نحو عامين، تناولت فيها العديد من الموضوعات المختلفة، التى تفاعل معها القارئ الكريم بمختلف الوسائل، حتى نشرت مقالى فى الأسبوع الماضي، فى نفس هذا المكان، تحت عنوان «إمبراطورية الساحل الشمالى التى خسرتنا المليارات». وهالنى حجم التعليقات التى وصلتني، على مدى الأسبوع الماضى بكامله، من مختلف الشخصيات سواء داخل مصر أو خارجها، عن طريق الهاتف، أو البريد الإلكتروني، أو مختلف وسائل التواصل الاجتماعي.

تناول المقال، ببساطة، وضع الساحل الشمالى فى مصر، من الإسكندرية إلى مطروح، مقارنة بساحل أنطاليا فى تركيا، المقابل له على البحر الأبيض المتوسط. فبينما نتشارك نفس البحر، من جهات متقابلة، إلا أن الله قد حبا مصر، وخصها، بشواطئ لا مثيل لروعتها فى العالم، من حيث نقاء مياهها الفيروزية، ونصاعة رمالها البيضاء الناعمة. وأجوائها الممتعة لمدة عشرة شهور من كل عام. ومع ذلك، تحول ساحلنا الشمالى إلى كتل خرسانية، يطلق عليها اسم «قرى سياحية»، بينما هى لا تمُت للسياحة بصلة من قريب أو بعيد، وإنما اصطُفت على البحر، للاستخدام الشخصي، حيث تستقبل العائلات المصرية، لمدة لا تتجاوز أربعة أسابيع، فى المتوسط، من كل عام، وتهجر باقى أيام وشهور السنة.

بينما ساحل أنطاليا، الذى تعرفت عليه فى أثناء عملى بأنقرة، لمدة ثلاث سنوات متواصلة، ملحقاً عسكرياً لمصر بها، فتجد شواطئه صخرية. ومياه بحره داكنة، تقترب من السواد، لا تجد من يستخدمها، ويكتفى الجميع باستخدام حمامات السباحة، ولا يعمل إلا مدة ثلاثة إلى أربعة أشهر فى العام، على أقصى تقدير، نظراً لبرودة الطقس فى باقى شهور العام. وبالرغم من كل ذلك، فقد نجح ساحل أنطاليا فى المساهمة بما يقرب من 20 مليار دولار سنوياً، فى دخل تركيا القومي، عن طريق جذب 18 مليون سائح سنوياً إليه. فقد تم وضع استراتيجية ورؤية واضحة للساحل التركي، هدفها النهائى هو جذب السياحة الأوروبية إليه، فتم التصميم والتنفيذ على هذا الأساس، أخذاً فى الاعتبار عوامل الجذب السياحى فى المنطقة.

وخلُصت تلك المقارنة، البسيطة، إلى أن ساحلنا الشمالى أصبح مصدر خسارة على اقتصادنا القومي، وفقاً لحسابات الفرصة البديلة، بل أصبح أداة استنزاف لموارد الدولة، ولموارد المصريين. فلو أُحسن استغلال تلك المنطقة، وتم تخطيطها، منذ بدايتها، بأسلوب علمي، يعتمد على اعتبارها وجهة للسياحة الداخلية والخارجية على حد السواء، لصارت اليوم مشروعاً تنموياً، يُفيد المصريين ويستفيدون منه.

المهم أننى ناشدت، فى نهاية مقالى السابق، المسئولين، لإنقاذ ما تبقى من الشريط الساحلى المصري، من مدينة مطروح إلى مدينة السلوم، على حدود مصر الغربية، من أن يصيبهم ما أصاب المنطقة من الإسكندرية إلى مطروح، فيتحول شاطئ البحر الأبيض المتوسط، بكامله، إلى غابات أسمنتية. لقد كانت مناشدتى نابعة من الاهتمام بالصالح العام، خاصة أن البنية الأساسية لتلك المنطقة، من حيث شبكة الطرق، والمياه والكهرباء، جاهزة لتحويلها إلى منطقة سياحية، وحتى المطارات فموجودة بالفعل، مثل مطار مطروح، ومطار سيدى براني، ومطار بير الخمسة، وإن كان بعضهم يحتاج إلى تطوير. كما أننى أعلم، تماماً، ما يميز هذه المنطقة من طبيعة خلابة، عشت فيها، واستمتعت بها، إبان رئاستى لذلك القطاع الغربي، فى أثناء خدمتى فى القوات المسلحة المصرية. وأعلم، تماماً، كيف يُقدرها ويُثمنها الأجانب، إذ التقيت هناك يوماً، الفنان العالمى الراحل، عمر الشريف، الذى حضر إلى هضبة السلوم واحدة من أجمل بقاع الأرض. ومعه مجموعة من المستثمرين الأجانب، الراغبين فى إقامة منتجع سياحي، فى هذه المنطقة، لعلمهم بأنها مؤهلة لأن تكون وجهة سياحية عالمية، إلا أن التعقيدات البيروقراطية، حالت، للأسف، دون تنفيذ هذا المشروع.

علمت أن السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى قد اهتم، شخصياً، بهذا الطرح، واجتمع، على أثره، بالسادة رئيس مجلس الوزراء، ووزير الإسكان، ومستشار الرئيس للتخطيط العمراني، لمناقشة جوانبه وتفاصيله، وفى نهاية الاجتماع، تم اتخاذ قرارات واضحة، من شأنها الحفاظ على باقى الشريط الساحلى الشمالي، ووضع استراتيجية لاستغلاله بطريقة مثلي.

من هذه القرارات: عدم تخصيص أراضٍ جديدة على الساحل الشمالى الغربي، إلا بعد تضمينها فى تخطيط عمرانى متكامل، يتم إقرار من القيادة السياسية أولاً، مع وضع أسس ومعايير جديدة لتسعير الأراضى الشاطئية. وتكليف وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، بإعداد تخطيط عمرانى متكامل للواجهة الشاطئية، لكل من البحر الأبيض المتوسط، والبحر الأحمر، مع مسئولية هيئة التخطيط العمرانى عن أعمال التخطيط بالمحافظات الساحلية. وتأكيد تنفيذ كورنيش مفتوح، يشتمل على شواطئ عامة، عند وضع المخطط الخاص بالمناطق الشاطئية. وتشكيل لجنة لمراجعة موقف الأراضى الشاطئية، التابعة للمحليات والتابعة لهيئة التنمية السياحية.

والآن، بعد صدور تلك القرارات الحاسمة، التى تصب فى مصلحة الوطن، وجدت لزاماً علىّ أن أنقلها لكل من اهتم بما طرحته فى المقال السابق، سواء بالاتصال أو الكتابة، لأطمئنه بأنه يجري، بحمد الله، تعديل الأوضاع، بوضع مخطط إستراتيجي، لما تبقى من أراضى الساحل الشمالي، يهدف لجعل تلك المنطقة، وجهة جديدة على خريطة السياحة المصرية والعالمية، بما يسهم فى الدخل القومى المصري.

وبالرغم من سعادتى البالغة بصدور هذه القرارات، فإننى أتساءل إلى متى سننتظر أن تأتينا الحلول من السيد رئيس الجمهورية، وبتدخل مباشر من سيادته؟ ماذا لو لم يسمع السيد الرئيس ندائي. ألم تكن أجهزة الدولة، المعنية بهذا الشأن، لتتحرك؟



Email: sfarag.media@outlook.com