العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

فجأة ودون سابق إنذار طلت علينا مجموعة جديدة من القنوات التليفزيونية المصرية لتملأ سماء الإعلام المصرى والعربى فقد ظهرت مجموعة قنوات DMC، ومجموعة قنوات ON بشكل جديد، لتزيد من ميزة التنافس والإبداع

كواليس القنوات التليفزيونية الجديدة
 

لواء د. سمير فرج

 9 فبراير 2017

فجأة ودون سابق إنذار طلت علينا مجموعة جديدة من القنوات التليفزيونية المصرية لتملأ سماء الإعلام المصرى والعربى فقد ظهرت مجموعة قنوات DMC، ومجموعة قنوات ON بشكل جديد، لتزيد من ميزة التنافس والإبداع.

وفى رأيى أن تلك الطفرة الجديدة، من شأنها إعادة البريق والريادة للإعلام المرئى المصري، على شاشات منطقتنا العربية، والذى فقدناه، مؤقتاً، خاصة مع ظهور قناة الجزيرة، التى أرى أسطورتها «المزعومة» فى عقلية المشاهد المصرى والعربي، إلى زوال، ففقدان المصداقية أفقدها القبول لدى المواطن العادي، خاصة مع ظهور برامج «التوك شو» المصرية بما لها وما عليها. ومع ظهور القنوات المصرية الجديدة خاصة الإخبارية منها أكاد أجزم بأن أى تأثير لقناة الجزيرة على وعى المشاهد المصرى سيتلاشى تماماً.

ظهرت تلك القنوات الجديدة فى حلة متميزة لم نعتدها من قبل إذ اعتمدت على أحدث التقنيات فى مجال الإعلام المرئى مصحوبة بعنصر الإبهار فى التقديم، باستخدام الديكورات البراقة يتقدمها المحتوى المناسب وفقاً لطبيعة القناة، وهو ما تفوقت فيه بعض القنوات العربية فى الفترة الماضية. وقد استنكر البعض، حجم الإنفاق على تلك القنوات، ولكن بالأخذ فى الاعتبار أهمية دور الإعلام، وضرورة استجابته ومواكبته لمتطلبات العصر الحديث، وحجم المنافسة المحيطة، تجد أن تلك القنوات تستحق ذلك الحجم من الإنفاق لتخرج علينا فى تلك الصورة المبهرة متفوقة على نظيراتها فى المنطقة.

أقول وبثقة إن عام 2017 هو تاريخ عودة الريادة الإعلامية المصرية للعالم العربي. فهذه القنوات المصرية الخاصة لم تعتمد على عناصر الإبهار والتقنيات الحديثة فحسب، وإنما إضافة إلى انتقائها للمحتوى المتنوع فقد قدمت مذيعيين ومذيعات جددا، وهو أمر بالغ الأهمية لما له من تجديد للدماء بديلاً عن «لعبة الكراسى الموسيقية» ولما له من إعطاء فرص للأجيال الجديدة من خريجى كليات الإعلام مع عدم التفريط فى الخبرات الإعلامية الرائدة، خاصة أن عدداً من الإعلاميين قد أثارهم انضمام العديد من الفنانين لتقديم البرامج على الشاشات الصغيرة، معتبرين ذلك مزاحمة لهم فى مهنتهم، إلا أننى لا أتفق تماماً مع ذلك الرأى ففى حين أرى أن التنوع مطلوب، ومن شأنه إثراء الشاشة الصغيرة، وهو تقليد معمول به فى دول العالم من شرقها إلى غربها، إذ تعتمد على المشاهير، ممن لهم قبول عام فى الشارع، لتقديم البرامج إلا أننى فى الوقت نفسه أرى أن نسبة مشاركتهم فى مصر قد زادت عن المعدلات الطبيعية. مثلما حدث من قبل من شكاوى الإعلاميين من اقتحام أبناء مهنة الصحافة لمجال تقديم البرامج التليفزيونية، والتى تصححت أوضاعها، فيما بعد، وعادت إلى نسب غير مبالغ فيها.

واليوم تجلس كل مساء أمام شاشة التليفزيون تتابع صراع الديناصورات على الحلبة الإعلامية؛ فهذا المذيع بكاريزمته العالية يستفيد من الإمكانات الحديثة بتلك القنوات ليظهر بشكل جديد يجذب إليه الكثير من المشاهدين. وهذه إعلامية تبدأ يومها كل صباح بالاجتماع مع طاقم الإعداد لتقدم فى المساء وجبة علمية رائعة. وآخر يقدم حلقاته فى هدوء شديد معتمداً على تحليلات شاملة، لتصل الفكرة إلى المواطن البسيط. ومنهم من يقدم برنامجه لبث الأمل فى قلوب المصريين عن غد أفضل بالرغم من الصعوبات الحالية، وهو ما يراه البعض ولاء للنظام وغيرهم الكثيرإضافة إلى ما قد بدأت القنوات المصرية عموماً فى تقديمه أخيرا من برامج خفيفة التى تقدم محتوى ثقافيا أو إنسانيا، وقد لاقت قبولاً جماهيرياً فى الشارع المصري. وإن كانت البرامج الفكاهية التى اشتهرت بها القنوات المصرية من قبل قد اختفت بشدة عدا برنامج أو اثنين، ولى عليها تحفظات عدة من حيث المضمون والألفاظ المستخدمة. المهم أنك تجد نفسك يومياً تتابع مقتطفات لهذا أو لذاك، وأنت سعيد بتلك الوليمة الكبيرة المتعددة الأصناف حتى يجبرك أحدهم على ترك «الريموت كنترول» ومتابعة إعلامى محدد، أو طريقة تقديم معينة، أو موضوع جذاب بالنسبة لك. وهو ما أشرت إليه من البداية، إن هذه القنوات ظهرت بصورة جديدة ومتنوعة لتخدم أهداف جميع المشاهدين منافسة، ومتحدية لباقى القنوات العربية.

والآن لا مفر من طرح السؤال البديهى «هل كتبت هذه القنوات شهادة وفاة مبنى ماسبيرو؟» ذلك المبنى العظيم ذو التاريخ الطويل الذى قاد الإعلام العربى لحقبة طويلة من التاريخ الحديث هذا المبنى الذى قدم أبناءه من النجوم والعاملين والفنيين لكل القنوات الخاصة، سواء المصرية أوالعربية! أكاد أسمع صراخ المبنى يتوسل إلينا ألا نحرر شهادة وفاته، وألا نلقيها فى النيل، وألا نعلن وفاته. ويخيل لى أن الدكتور عبدالقادر حاتم، الذى أسس هذا الصرح العظيم، وقدمه لمصر والعالم العربى يتألم فى قبره ألماً وحسرة على ما آل إليه حال ماسبيرو.

ومع ذلك فلن أخوض فى الأسباب الكثيرة وراء تدنى الأداء فى ماسبيرو، وسوء مستوى برامجه، ولكنى مازالت مقتنعاً بأنه من الظلم أن يترك هذا المبنى بأبنائه المحترفين، وأدواته الإعلامية، ليواصل تقهقره حتى يغيب تماماً عن الخريطة الإعلامية المصرية والعربية. أعتقد أن ماسبيرو يستحق منا «قبلة الحياة» متمثلة فى خطة تطوير شاملة، وأنا على يقين من أنه قادر على المنافسة مرة أخرى ليعود المنارة الإعلامية لمصر كما كان على مر السنوات.



Email: sfarag.media@outlook.com