العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

كان كارتر، الرئيس التاسع والثلاثين للولايات المتحدة، وحاصلا على جائزة نوبل للسلام فى عام 2002، نتيجة للدور العالمى العظيم الذى لعبه لتحقيق السلام.

طريق ترامب لجائزة نوبل
 

لواء د. سمير فرج

 1 مايو 2025


تابعت، على الشاشة الصغيرة، كغيرى كثيرون، مراسم جنازة الرئيس الأمريكى، الأسبق، جيمى كارتر، التى أقيمت فى العاصمة الأمريكية، واشنطن، بعدما وافته المنية عن عمر يناهز المائة عام.كان كارتر، الرئيس التاسع والثلاثين للولايات المتحدة، وحاصلا على جائزة نوبل للسلام فى عام 2002، نتيجة للدور العالمى العظيم الذى لعبه لتحقيق السلام، والذى شمل تحقيق السلام بين مصر وإسرائيل، وبالتالى فى الشرق الأوسط، وهو ما كان محور جميع الخطابات، فى يوم جنازته.

وبينما تذاع مراسم الجنازة، انتقلت الكاميرات على وجه الرئيس الأمريكى، الحالى، دونالد ترامب، فوجدتنى أفكر فيما يدور فى ذهنه، فى تلك اللحظة، وتصورته يفكر فى أنه أحد أكبر أغنياء العالم، ورئيس أكبر دولة فى العالم لفترتين، ولعل ما ينقصه هو أن يحصل، هو الآخر، على جائزة نوبل، مثلما حصل عليها الرئيس كارتر،الذى رعى اتفاق السلام فى كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل.

ومنذ تلك اللحظة وأنا أرى للرئيس ترامب أربع أولويات: اثنتان منها لتحقيق السلام، مرة فى الشرق الأوسط بوقف إطلاق النار بين إسرائيل وفلسطين، ومرة بوقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا. أما الأولوية الثالثة، من وجهة نظره، فتكمن فى استعادة قوة أمريكا، من خلال السيطرة على العالم اقتصادياً، خاصة بالتفوق على الصين.بينما رابع أولوياته تأسيس الإمبراطورية الأمريكية الجديدة، بضم جزيرة جرينلاند، وقناة بنما، وكندا، لتصبح الولاية رقم 51، وفقاً لتصريحاته، وبهذا تصير الولايات المتحدة الأمريكية أكبر قوة فى العالم، سواء من حيث المساحة، أو القدرة الاقتصادية، أوالقوة العسكرية، وهو ما سيؤهله، من وجهة نظره، للحصول على جائزة نوبل للسلام.

دعونا نستعرض، فى البداية، البنود السبعة التى حددتها الولايات المتحدة للوصول لاتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا، والتى يبدو أنه تم الاتفاق عليها مع الرئيس الروسى بوتين، خلال الزيارتين الأخيرتين لمبعوث الرئيس الأمريكى، ستيف ويتكوف، إلى موسكو. ينص المبدأ الأول على اعتراف الولايات المتحدة بأحقية روسيا فى شبه جزيرة القرم، التى كانت تابعة، فى الماضى، لروسيا قبل أن يمنحها خروشوف لأوكرانيا أيام الاتحاد السوفيتى، ثم أعادت روسيا ضمها لأراضيها، فى 2015.

أما البند الثانى فهو اعتراف أمريكا، شبه رسميا، بأحقية روسيا فى المقاطعات الأربع التى ضمتها خلال حربها الحالية مع أوكرانيا، وهى لوهانسك ودونيتسك وزابوريجيا وخيرسون، على أساس التفاوض على شكل الحدود، مع السماح لأوكرانيا بوجود مسارات لها للوصول إلى نهر دينبرو كجزء من التسوية.

ويشترط البند الثالث على عدم انضمام أوكرانيا لحلف الناتو، كعضو فيه، فى مقابل البند الرابع، بالنظر فى إمكانية السماح لأوكرانيا بالانضمام للاتحاد الأوروبى. أما خامس البنود فيشترط نقل السيطرة على محطة زابوريجيا للطاقة، أكبر المحطات النووية فى أوكرانيا، من روسيا إلى أمريكا. مع تأكيد توقيع أوكرانيا صفقة المعادن إلى أمريكا، كسادس البنود. وأخيراً رفع كل العقوبات المفروضة على روسيا.

مما لا شك فيه أنه لم يتم الاتفاق مع الرئيس الأوكرانى زيلينسكى على أى من تلك البنود، إذ تُشيرالشواهد لإجباره على الرحيل إلى إنجلترا، لتشهد بلاده بعدها انتخابات رئاسية، وبرلمانية، جديدة، تتولى التصديق على معاهدة السلام المتضمنة لتلك البنود. لذا فمن المتوقع أن يتم وقف إطلاق النار، لفترة تمهيدية، لحين الانتهاء من الانتخابات الجديدة فى أوكرانيا.

أما شق السلام الآخر، المؤهل للحصول على جائزة نوبل، فمن المنتظر إتمامه خلال زيارة الرئيس ترامب إلى الشرق الأوسط فى الفترة من 13 إلى 16 مايو، إذ من المقرر أن يزور السعودية والإمارات وقطر، للاتفاق على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، على أن تسلم حماس جميع الرهائن وعددهم 59 رهينة، منهم 24 أحياء، والباقى جثامين.وسيتم وقف إطلاق النار لمدة 45 يوماً، تنسحب بعدها إسرائيل من كامل قطاع غزة، على أن يدير القطاع لجنة مكونة من 15 فرداً تكنوقراط من السلطة الوطنية الفلسطينية فى رام الله، وليس بينهم أى فرد من حماس، بعدما تم إلغاء فكرة عملية التهجير تماماً. وهناك احتمال وجود عناصر فلسطينية من السلطة لتأمين قطاع غزة، سيتم تدريبهم فى مصر وتحت سيطرة الولايات المتحدة.كما سيتم العمل باتفاقية المعابر التى تم توقيعها بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، على أساس السيطرة الفلسطينية على الجانب الفلسطينى من غزة، ومعها عناصر من الاتحاد الأوروبي.

وتبقى حالياً مشكلة واحدة، وهى نزع سلاح حركة حماس الذى يطالب به نيتانياهو ويؤيده بشدة الرئيس ترامب. وأعتقد أنه بعد إعلان الرئيس عباس فى رام الله على ضرورة أن تلقى حماس سلاحها من أجل سلامة المواطنين فى غزة، يمكن فى هذه الحالة الموافقة على تحويل حماس إلى حزب سياسي. وعلى أى حال، مازالت هذه هى المشكلة الوحيدة.ويبقى الرهان، هل سيوافق رئيس الوزراء الإسرائيلى على الخطة الأمريكية، القائمة بالأساس على الخطة المصرية؟ وفى ظنى أن نيتانياهو سيقاوم طلب الرئيس ترامب، وسيُجبر لقبوله، مما سيضطره، حينئذ، لترك منصبه كرئيس للحكومةالإسرائيلية، وهو ما قد يُصعب إنهاء الحرب على أرض غزة.

وفى حال تكللت مهمة الرئيس ترامب بالنجاح فى الشرق الأوسط يوم 16 مايو، سيكون قد ضمن نصف جائزة نوبل، ليعود إلى الولايات المتحدة لاستكمال الاتفاق الروسى الأوكرانى، ويستعد للاحتفال بتسلم جائزة نوبل فى آخر عام، ويتحقق حلمه الذى رآه يوم جنازة الرئيس كارتر.



Email: sfarag.media@outlook.com