العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

أتعجب عندما أنظر حولى فأجد البعض لا يريد لمصر أن تفرح لا يريد لها أن تنهض

صعبان عليهم أن تفرح مصر
 

لواء د. سمير فرج

 6 إبريل 2017



أقول هذا تعقيباً على ما يتناوله عدد من المثقفين والسياسين عن زيارة الرئيس السيسى إلى البيت الأبيض فتجدهم يبذلون قصارى الجهد للتقليل من حجم النجاحات التى حققتها هذه الزيارة وكأنه يعز عليهم أن تفرح مصر!

فبعد مرور ثمانى سنوات عجاف من عمر العلاقات المصرية الأمريكية، بسبب سياسة الرئيس الأمريكى السابق، باراك أوباما، والتى ظهر فيه جلياً مدى مناهضته لمصر تمت دعوة الرئيس السيسى لزيارة واشنطن، والالتقاء رسمياً، مع الرئيس الأمريكى الجديد، دونالد ترامب. لقد أظهرت هذه الزيارة ملامح استعادة التوازن فى العلاقات الثنائية، وحتى قبل بدء الزيارة، بدءاً من كلمات الترحيب التى أطلقها الرئيس الأمريكى على صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، للترحيب بالرئيس السيسي، وهو ما لم يحدث فى لقاءاته الرسمية السابقة لتلك الزيارة. مروراً بالبيان المطول، الصادر عن البيت الأبيض، للإعراب عن الإطلاع لعقد اللقاء بين الرئيسين. وما تلى ذلك من مظاهر الاستقبال الرسمى فى البيت الأبيض، ودلالاتها، إذ رفعت أعلام جميع الولايات الأمريكية فى استقبال الرئيس المصري، ذلك التقليد الأمريكي، الذى لم تشهده مراسم الاستقبال الرسمي، لأى ضيف، منذ تولى الرئيس ترامب ثم يظهر تشكيل الوفد الأمريكى من وزراء الخارجية، والدفاع، والمالية، ليعطى دلالات إيجابية للمتابع لهذه الزيارة.

ولنتابع، ونحلل، بعد ذلك، كلمة الرئيس الأمريكي، أثناء اللقاء الثنائى فى المكتب البيضاوي، عندما أشاد بالرئيس عبد الفتاح السيسي، ومعبراً عن شعوره بأن الرئيس المصرى مقرب له، منذ لقائهما الأول فى نيويورك، فى سبتمبر من العام الماضي، فى أثناء الحملات الانتخابية الأمريكية ثم تأكيده مساندة الولايات المتحدة الأمريكية لمصر، ولرئيسها، الذى قاد البلاد فى ظروف صعبة، ونجح فى مهمته، مشيراً إلى أن مساندته ستتخطى أى وقت سابق.

وجاءت كلمته عن القوات المسلحة، وهى الأخطر من وجهة نظرى إذ شدد على تمديد العلاقات بين الجيشين الأمريكى والمصرى «لأعلى مستوى» لم تشهده العلاقات من قبل ... ثم كررها مرة أخرى «لأعلى مستوى» أعقب ذلك، اصطحابه الرئيس المصري، للتجول فى حديقة البيت الأبيض، فى دلالة على تباحثهما حول موضوعات مهمة، بعيداً عن الوفود المشاركة، وبعيداً عن الإعلام، وهو ما أشار إليه الرئيس ترامب من قبل، بأن هناك عددا من القضايا، منها تلك المرتبطة بحقوق الإنسان، لا يجب مناقشتها على الملأ مثلما فعلت إدارة الرئيس أوباما، وإنما يتم الاطلاع على جوانبها الحقيقية، فى جلسات مغلقة مع إدارات الدول المعنية بها.

أقول لهؤلاء البعض، المهتمين بتقليل نجاحات هذه الزيارة بإدعائهم أنها زيارة استكشافية، ألم تعلموا سيادتكم بأن هذه الزيارة يتم الإعداد لها منذ تولى الرئيس ترامب مقاليد الحكم فى البيت الأبيض؟ ألم تعلموا بأن لها أربعة محاور محددة سلفاً، وهى السياسة الخارجية، والتعاون العسكري، والدعم الاقتصادي، ومحاربة الإرهاب؟ ألم تطلعوا على نتائج زيارتى وزير الخارجية المصرى إلى واشنطن قبل هذه الزيارة؟ ألم تسمعوا عن أخبار تبادل الزيارات بين الوفود العسكرية للبلدين، للتباحث حول الملفات المشتركة؟ كانت هذه، أيها الأخ الكريم، هى الزيارات الاستكشافية، التى يتم فيها الاتفاق على كل المطالب المشتركة بين البلدين، لتأتى بعد ذلك، الزيارة الرسمية للرئيس المصري، تتويجاً لما تم الاتفاق عليه.

أما لمن يدركون تماماً أن الزيارة ناجحة، وبالرغم من ذلك، يدعون إلى عدم التفاؤل بشأنها ... لهؤلاء أقول «والله حرام» ... كيف لا تتفاءلون برؤية مصر وهى تستعيد مكانتها الدولية، وثقلها السياسي؟ وكيف لا تتفاءلون لرؤية الرئيس المصرى يحرك المياه الراكدة، ويتفق مع الرئيس الأمريكى على حلٍ عادل للقضية الفلسطينية ... «قضية القرن»؟ أليس فى تحول الموقف الأمريكى تجاه سوريا، وتبنى وجهة النظر المصرية، باللجوء إلى القنوات الدبلوماسية، وحق الشعب السورى فى تقرير مصيره، ما يدعوك إلى التفاؤل؟ دون الخوض فى تفاصيل، ألا يدعوك استئناف الشحنات البترولية السعودية إلى مصر، إلى التفاؤل؟

ألا تتفاءلون بعودة المعونة العسكرية، بعد توقفها ثلاث سنوات كاملة، وإسقاط الشروط الأربعة المجحفة التى قيدها بها الرئيس الأمريكى السابق؟ وكيف لا تتفاءلون بعودة التدريبات العسكرية المشتركة؟ ألا تعدون الاتفاق مع أكبر قوة عسكرية فى العالم على التعاون للقضاء على الإرهاب فى المنطقة بكاملها تفاؤلا؟ أليس هناك ما يدعوكم للتفاؤل، برؤية الرئيس المصرى فى الكونجرس للقاء أعضاء لجنة الدفاع والأمن القومي، وشرحه وتوضيحه حقيقة وأبعاد الموقف المصرى والسياسة المصرية، لتغطية القصور الناتج من إعلامنا فى الخارج؟ ألا تعلم، أخى الفاضل، أن أعضاء هذه اللجنة هم المنوطون بترجمة تفاصيل الاجتماعات الثنائية بين الرئيسين، إلى قرارات تنفيذية؟

أليس فى تصريح الرئيس الأمريكى بدعم مصر اقتصادياً، لما فى ذلك من ضمانة لتحقيق استقرارها، ما يدعوكم للتفاؤل؟ أليس فى سياسة الرئيس الأمريكى من إعادة التوازن للعلاقات، على أساس من التحالف وليس التبعية، ما يدعوكم لنشر التفاؤل؟ ألا تعتبر فى إعلان البيت الأبيض، رسمياً، قبول الرئيس الأمريكى الدعوة لزيارة مصر، ما يبعث على التفاؤل؟

سيدى الفاضل... إن لم تر فى أى مما سبق ما يدعوك للتفاؤل والإقرار بنجاح الزيارة ... فأنت تغلب مصلحتك على مصلحة الوطن ... لقد قال الرئيس السادات، رحمه الله، إن الولايات المتحدة الأمريكية، تملك 100% من مقاليد اللعبة فى الشرق الأوسط ... وأثبتت الأيام صحة ما قال... وقد حققت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى الكثير من التقارب، والذى من شأنه تحقيق الكثير من المطالب المصرية، الخاصة بالأمن القومى المصري، بل والعربى... حرام عليكم خلونا نفرح مرة.



Email: sfarag.media@outlook.com